التعبد بأسماء الله (العلي - الأعلى - المتعال)
1- الخضوع لربنا العلي:
إذا كان سبحانه العلي فينبغي أن يكون في قلبك أعلى من كل شيء، فتنكسر له وتخضع وتذل له لا لغيره، وكيف تخضع لغيره وهو العلي؟
ولذلك كان السجود من أقرب القربات التي يتقرب بها العبد لله سبحانه، لأنه اعتراف عملي بالعبودية لله العلي.
ولما كان السجود غاية ذل العبد وخضوعه وانكساره لله كان أقرب ما يكون لربه في هذه الحال، فأمره ربه أن يجتهد في الدعاء لقربه من القريب المجيب.
2- عدم العلو في الأرض بغير الحق:
لا ينجو من الوقوع في الظلم إلا من تذكر علو الله تعالى وقهره، وأن العبد مهما علا وظلم وقهر فإن العلي فوقه، يقتص للمظلومين من ظالميهم، ولذلك لما ذكر الله تعالى علاج نشوز الزوجات في سورة النساء ختم ذلك باسمه العلي الكبير.
3- الله سبحانه هو العلي في قلوبنا:
فكما اعترفت بعلوه سبحانه بلسانك، فاجعل حبه في قبلك أعلى حب عندك.
فيقول ابن القيم: (فهو ينزه قلبه أن يساكن سواه، أو يطمئن بغيره).
4- تواضع المؤمن:
من شأن المؤمن الذي عرف الله العلي أن يتواضع، لا أن يتعاظم، لأنه يعلم قدر ربه العلي، ويعلم قدر نفسه الضعيفة العاجزة، فأنى له أن يتكبر؟!
5- علو المؤمنين:
قال تعالى:
{وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} [آل عمران: 139]
وهو أمرٌ موجَّهٌ لمن اضطرب يقينه واهتز إيمانه أن يثق أن العاقبة له بالعلو والنصر والغلبة إن صحَّ إيمانه، وذلك في ظل علو نجم المنافقين ، وهو إخبار بعلو أهل الإيمان إن أخذوا بشريعة الله، هؤلاء المؤمنون يرفع العلي قدرهم، فهو الذي يُعلي من حمل رسالته، وينصر من نصر شريعته، ويجعل العاقبة لهم على عدوهم، والمؤمنون وحدهم يعرفون سنن الله في إحقاق الحق وإقامة العدل، ولذا أخذوا بها ولم ينحرفوا عنها، فعلوا وعزوا وسعِدوا.
6- ولله المثل الأعلى:
{وَلِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلَى} هو أسلوب حصر، فلم يقل المثل الأعلى لله، والمراد بالمثل الأعلى: الوصف الكامل الأعلى الذي لا شيء أعلى منه، فلا كفؤ يكافئه ويساويه، ولا سَمِيٌّ يساميه ويشابهه، ولا ندَّ أي لا نظير له ولا شريك، ولا مثيل يماثله في صفاته، وذلك لكماله من كل وجه.
7- تسبيح الله باسمه الأعلى:
قال تعالى:
{سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} [الأعلى: 1]
عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى} قال: " سبحان ربي الأعلى".
والمتتبع لمادة (سَبَّح) في القرآن الكريم يجد أنها جاءت بكل الصِّيَغ، فما دام الكون كله يسبِّح الله، ولم ينقطع عن التسبيح لحظة، فالخلق كذلك مأمورون بهذا التسبيح؛ لأنهم جزء من منظومة الكون المسبِّح، وعليهم أنْ يتناغموا معه، ولا يشكِّلوا بسكوتهم عن التسبيح حالة شاذًّة عن خلق الله، واستحِ أن يكون الكون كله مُسبِّحًا لله وأنت غير مُسبِّح!
8- أن يدعو الله باسمه العلي:
عَنِ الْحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ، قَالَ: عَلَّمَنِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَلِمَاتٍ أَقُولُهُنَّ فِي قُنُوتِ الْوَتْرِ:
" اللهُمَّ اهْدِنِي فِيمَنْ هَدَيْتَ، وَعَافِنِي فِيمَنْ عَافَيْتَ، وَتَوَلَّنِي فِيمَنْ تَوَلَّيْتَ، وَبَارِكْ لِي فِيمَا أَعْطَيْتَ، وَقِنِي شَرَّ مَا قَضَيْتَ، فَإِنَّكَ تَقْضِي وَلا يُقْضَى عَلَيْكَ، إِنَّهُ لَا يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ تَبَارَكْتَ رَبَّنَا وَتَعَالَيْتَ " [أخرجه أحمد 3/245 حديث 1718، وأبي داود 2/63 حديث 1425، والترمذي 1/301 حديث 415، والنسائي في السنن الكبرى 2/171 حديث 1446، وصححه الحاكم 3/ 188 حديث 4800].
[هنيئا لمن عرف ربه – أسماء الجلال، د/ خالد أبو شادي، ص 223 – 228].