شرح أسماء الله الحسنى - العلي والأعلى والمتعالي


موقع/ الراشدون

أولا /  المعنى اللغوي :

يأتي العُلُو في اللغة على أربعة معاني :
1- علو كل شيء ارتفاعه : ويقال : علا فلانٌ الجبل إذا رقيه ويعلو عُلُوًا .

2-  القهر والغلبة : يقال : علا فلانٌ فلانًا إذا قهره ، وعلوتُ الرجل غلبتُه

3-  رفعة الشأن وعُلُو القدر : تقول العرب : علا كعبه أي ارتفع شأنه .

4- الكبر : كما قال تعالى في فرعون : ” إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ  ” 

والعلي :صفة مشبهة،  لأن علوه عزو جل لازم لذاته ، والفرق بين الصفة المشبهة واسم الفاعل :أن اسم الفاعل طارئ حادث يمكن زواله ؛أما الصفة المشبهة فهي لازمة لا ينفك عنها الموصوف .
أما الأعلى  : صيغة تفضيل و(الألف واللام) للكمال، فهو تعالى الأعلى من كل ما خلق.
أما المتعالي : فهو اسم فاعل مِن الفعل تَعَالَى . مُتَعَالٍ عَنِ النَّاسِ : مُتَرَفِّعٌ
ومعناه بالنسبة لله: الرَّفيع القدر ، المُستعلِي على كلّ شيءٍ.

ثانيا / ورود هذه الأسماء في القرآن الكريم  :

ورد اسم اللَّه ” العليُّ ” في ثمانية مواضع منها :
– قوله تعالى :

” وَلاَ يَئُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ  ” البقرة : 255  .

– وقوله :

” ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ  ” الحج : 62  .


– وقوله تعالى :

” فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ  ” غافر : 12.

وأما اسم ” الأعلى ” فقد جاء في موضعين :
 في قوله تعالى :

” سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى  ” الأعلى : 1  ،

وقوله :

” إِلاَّ ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الأَعْلَى ” الليل : 20  .

وأما ” المتعال ” فقد جاء مرة واحدة :

في قوله :

“عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ  ” الرعد : 9  .

ثالثا /  المعنى في حق الله تعالى

العلي : هو الذي له العلو المطلق من جميع الوجوه: علو الذات، وعلو القدر والصفات، وعلو القهر، فهو الذي على العرش استوى، وعلى الملك احتوى، وبجميع صفات العظمة والكبرياء والجلال والجمال وغاية الكمال اتصف، وإليه فيها المنتهى .

الأعلى في اللغة من صيغ أفعل التفضيل ، فالأعلى هو الذي ارتفع عن غيره وفاقه في وصفه .

المتعالي فمعناه : الرَّفيع القدر ؛ المستعلي على كل شيء بقدرته .

واسم العلي أبلغ من الأعلى والمتعالي، لأنّ الأعلى والمتعالي يقتضي بمقارنة مع غيره بخلاف العلي فهو صفة ذاتية لله تعالى .

ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لما قال أبو سفيان : اعلُ هبل.. اعلُ هبل -وذلك في يوم أحد – قال النبي صلى الله عليه وسلم: “ألا تجيبونه؟ قالوا: وما نقول؟ قال: قولوا: الله أعلى وأجل  “

الخلاصة :
العلي : دال على علو الذات والصفات .
الأعلى : دال على علو الشأن .
المتعال : دال على علو القهر.

رابعا / تأملات في رحاب الأسماء الثلاثة :

الله تبارك وتعالى له جميع أنواع العلو، ومن أنكر شيئاً منها، فقد ضل ضلالاً بعيداً، وقد جاءت النصوص بإثبات أنواع العلو لله، وهي:

1- علو الذات، فالله تبارك وتعالى مستو على عرشه، وعرشه فوق مخلوقاته، كما قال تعالى”: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ “يونس: 3.
وقال:  ” الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى “طه 5.
والله مستو على عرشه فوق عباده، كما قال تبارك وتعالى: ” وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ “الأنعام: 18.
وقال

”: يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ “ النحل: 50

2-  علو القهر والغلب، كما قال تعالى”: هُوَ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ “الزمر: 4
فلا ينازعه منازع، ولا يغلبه غالب، وكل مخلوقاته تحت قهره وسلطانه، ما شاء كان، وما لم يشأ لم يكن، وقد وصف الحق – تبارك وتعالى – نفسه بصفات كثيرة تدل على علو القهر والغلب كالعزيز، والقوي، والقدير، والقاهر والغالب ونحو ذلك. قال سبحانه: “وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ “الأنعام: 18.

3- علو المكانة والقدر، وهو الذي أطلق عليه القرآن: (المثل الأعلى) كما في

قوله تعالى: “ وَلِلّهِ الْمَثَلُ الأَعْلَىَ “ النحل: 60، وقوله تعالى : “وَلَهُ الْمَثَلُ الأَعْلَى فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ “ الروم: 27.

فالمثل الأعلى: الصفات العليا التي لا يستحقها غيره، فالله هو الإله الواحد الأحد، وهو متعال عن الشريك والمثيل والند والنظير: “قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ “الإخلاص: 1-4
فالله عز وجل تعالي عن جميع النقائص والعيوب المنافية لإلهيته وربوبيته ، وتعالي في أحديته عن الشريك والظهير والولي والنصير ،وتعالى في عظمته عن الشفيع دون إذن أو خضوع ،
وتعالى في صمديته عن الصاحبة والولد ، وأن يكون له كفوا أحد ، وتعالي في كمال حياته وقيوميته عن السنة والنوم ، وتعالي في كماله وقدرته وحكمته عن العبث والظلم ، وتعالي في كمال علمه عن الغفلة والنسيان ،وعن ترك الخلق سدي دون غاية لخلق الجن والإنسان ، وتعالي في كمال غناه يُطْعِمُ وَلا يُطْعَمُ ويرزُق ولا يُرزَق ، بل هو على كل شيء قدير ، وكل شيء إليه فقير ، وكل أمر عليه يسير ، لا يحتاج إلى شيء ، ( لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ )

دلالة الشرع والفطرة على صفة العلو :
وصفة العلوّ صفة ذات تدلّ عليها الفطرة، أي: فُطِرت النّفوس على إثباتها، وجبلت القلوب على معرفتها، ولا يجد المرء من نفسه حال الدّعاء إلاّ أن يرفع يديه وبصره ويتّجه بقلبه إلى السّماء.

أما الأدلة الشرعية فمن الآيات :

قال تعالى

( يدبر الأمر من السماء إلى الأرض ثم يعرج إليه في يوم كان مقدراه ألف سنة مما تعدون ) ( السجدة 5 )

وقال تعالى

( إليه يصعد الكلم الطيب ) ( فاطر 10 )

وقال تعالى

( إني متوفيك ورافعك إلي ) ( آل عمران 55 )

وقال تعالى

( وما قتلوه يقينا بل رفعه الله إليه ) ( 157 النساء ) . 

وقال تعالى في الملائكة

يخافون ربهم من فوقهم ) ( النحل 50 ) . 

وقال تعالى

( أأمنتم من في السماء أن يخسف بكم الأرض فإذا هي تمور أم أمنتم من في السماء أن يرسل عليكم حاصبا ) ( الملك 16 _ 17 ) . 

وقال تعالى

( من الله ذي المعارج تعرج الملائكة والروح إليه ) ( المعارج 3 _ 4 ) 

.ومن الأحاديث:
حديث معاوية بن الحكم السلمي رضي الله عنه قال:

(كانت لي غنم بين أحد والجوانية -وهما منطقتان في أعلى المدينة- فيها جارية لي، فأطلعتها ذات يوم فإذا الذئب قد ذهب منها بشاة(، يعني: راقبها ذات يوم فوجد أن الذئب أخذ منها شاة،) وأنا رجل من بني آدم آسف كما يأسفون -يعني: فحزنت؛ لأن الذئب أخذ غنمة من الغنم- فصككتها -أي: ضربتها على وجهها- فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فذكرت ذلك له، فعظم ذلك علي، فقلت: يا رسول الله! أفلا أعتقها؟ قال: ادعها، فدعوتها، فقال لها: أين الله؟ قالت: في السماء) رواه مسلم . 

حديث عبد الله بن عمرو بن العاص أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :

( الراحمون يرحمهم الرحمن ارحموا من في الأرض يرحمكم من في السماء ) قال الألباني صحيح لغيره . 

عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم : ( لما قضى الله الخلق كتب في كتابه فهو عنده فوق العرش إن رحمتي سبقت غضبي ) 
وفي لفظ : ( إن الله كتب كتابا قبل أن يخلق الخلق أن رحمتي سبقت غضبي فهو عنده فوق العرش ) 
وفي لفظ آخر :

( لما خلق الله الخلق كتب في كتاب كتبه على نفسه فهو مرفوع فوق العرش : إن رحمتي سبقت غضبي ) قال الألباني صحيح .  

وما رواه البخاري ومسلم عن أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيَّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلّى الله عليه وسلّم:

” أَلَا تَأْمَنُونِي وَأَنَا أَمِينُ مَنْ فِي السَّمَاءِ يَأْتِينِي خَبَرُ السَّمَاءِ صَبَاحًا وَمَسَاءً “

– ما رواه التّرمذي وأبو داود عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍو رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلّى الله عليه وسلّم:

” الرَّاحِمُونَ يَرْحَمُهُمْ الرَّحْمَنُ ارْحَمُوا مَنْ فِي الْأَرْضِ يَرْحَمْكُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ “.

– حديث عروج النبيّ صلّى الله عليه وسلّم إلى ربّه.
– ما رواه البخاري ومسلم عَنْ أَنَسٍ رضي الله عنه قَالَ:

كَانَتْ زَيْنَبُ تَفْخَرُ عَلَى أَزْوَاجِ النَّبِيِّ صلّى الله عليه وسلّم تَقُولُ :”زَوَّجَكُنَّ أَهَالِيكُنَّ وَزَوَّجَنِي اللَّهُ تَعَالَى مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ “.

– ما رواه أحمد قال: جَاءَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنه قال لعائشة حين دخل عليها وهي تحتضر:

وَأَنْزَلَ اللَّهُ بَرَاءَتَكِ مِنْ فَوْقِ سَبْعِ سَمَوَاتٍ جَاءَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ فَأَصْبَحَ لَيْسَ لِلَّهِ مَسْجِدٌ مِنْ مَسَاجِدِ اللَّهِ يُذْكَرُ اللَّهُ فِيهِ إِلَّا يُتْلَى فِيهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَآنَاءَ النَّهَارِ”.

وغير ذلك من الأحاديث .

ليس كمثله شيءٌ في عُلُوِّهِ :
فإن اللَّه هو العلي الأعلى جل جلاله وتقدست أسماؤه ، فلا يدانيه أحدٌ في علوه ، ولا يماثله شيءٌ في رفعته ، وذلك من وجوه منها :
1-  له العلو المطلق من جميع الوجوه : فما من أحد من الخلق بلغ علوًا إلاَّ كان علوًا ناقصًا ، فقد يعلو في مالٍ ولا يعلو في رياسة أو حُكم ، أو يعلو في الدنيا ولا يعلو في الآخرة ، وقد يعلو في وقتٍ دون آخر ، أو في حال دون حال ، كمثل من يعلو في حال قوته دون ضعفه ، أو صحته دون مرضه ، أو شبابه دون هرمه .

أما العلو المطلق من جميع الوجوه وفي كل الأحوال فهو لله عز وجل ، فإن اللَّه تعالى هو العلي الذي لا أعلى منه ولا يعلو عليه بل لا يدانيه أحدٌ من خلقه .
ولذلك قال اللَّه عز وجل : ” إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلاَ فِي الأَرْضِ… ” . فإنه قد علا في الأرض وتكبر فيها ولم يستطع أن يعلو في السماء .

2-  علو اللَّه دائم : فعلو الخلق مؤقت يسبقه العدم ويلحقه الفناء .
أما علو اللَّه عز وجل فهو علوٌ لم يسبقه انخفاض ولا يلحقه دنو ، دائم لا يتغير ، ثابت لا يتبدل .

3-  رحمته في علوه :فكل من أصابه شيءٌ من علو الدنيا فإنه يبتعد عن الضعفاء والمساكين ، وقد يأنف منهم ،أما اللَّه سبحانه وبحمده قريب في علوه ، رحيم في كبريائه ، ودودٌ في عظمته ، عفوٌ في قدرته ، لا يمنعه شيءٌ عن خلقه إذا دُعي أجاب ، ولا يقف على بابه الحُجَّاب ، قال تعالى : ” وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ  ” البقرة  .

ما معنى قوله تعالى ( أأمنتم من في السماء) ؟
الجواب: معنى ” في ” يحتمل أحد أمرين:
– الأوّل: أنّها بمعنى ” على “، فإنّه من المقرّر في لغة العرب أنّ ” في ” تأتي للاستعلاء، ومنه قوله تعالى: ” فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا “.
– الثّاني: أنّها على أصلها وهو الظّرفية، ويكون معنى ” السّماء ” حينئذ ” العلوّ” لا هذا الجرم المخلوق، والعرب تُطلق على العلوّ لفظ السّماء،(كل ما علاك فهو سماء ) فالطّائر بحلّق في السّماء، وتقول: رمى بالحجر في السّماء، ونحوه كثير.

خامسا / ثمار الإيمان بالاسم الجليل
1-التواضع لله العلي  :

   من شأن المؤمن أن يتواضع، لا أن يتعاظم ؛فهوفي الأصل فقير، ضعيف، فمن شأنه مع اسم الله “العلي” التواضع لله جل وعلا

2- الإخلاص لله : بأن يصرف المؤمن كل عبادة له وحده ويعترف أن عبادة من سواه هي البطلان ,كائنا من كان ، قال تعالى :

( ذَلكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ البَاطِل وَأَنَّ اللهَ هُوَ العَليُّ الكَبِير ُ) الحج:62

3- أن يكون ذكرك له وعبادتك إياه مصحوبا باستشعار القلب لجلاله وعظمته ؛و لا شك أنك متى قمت بهذا واعتقدته  عظم قدر ربك في قلبك، فصعب عليك أن تعصيه، وعظم عليك أن تدين لغيره بالعظمة، وكذلك كبر عليك أن تترك طاعته، وعرفت أن له عليك حقوقاً كثيرة لابد أن تدين بها، ولابد أن تحرص على أدائها ؛ ولذا قرن بين الأمر بالتسبيح وبين علوه فقال {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى } 
4-وجوب الإيمان بصفة العلو لله تعالى مع الإيمان بإحاطة الله بكل شيء وأن هذا لا يتنافي مع فوقيته وعلوه : فمن صفات الله أنه محيط بكل شيء وفوقه، والإحاطة بها هو الاستيلاء عليها، بمعنى: أنه محيط بالأشياء، وكلها تحت سيطرته وتصرفه، فلا شيء يتحرك إلا بإرادته، ولا يتصرف إلا بعلمه، وهو المتصرف فيها وحده، وهذا يدل على كماله وعظمته. 

5- الخضوع له والتسليم لأمره , والوجل عند ذكره ,وهذا شأن من عرف ربه
 فالذي يعتقد ذلك لا شك أنه يعظم قدر ربه في قلبه،  لأنه يستحضر عظمته وكبرياءه وجلاله وغناه عن خلقه، ثم يستحضر ضعف الخلق كلهم، وفقرهم وفاقتهم، وحاجتهم الشديدة إلى ربهم، فبعد ذلك يقول: ما أنا وما قدري حتى أظهر الغنى عن الله، وحتى أبارزه بالذنوب، وأعصي أمره وأرتكب نهيه؟! وهل أتحمل شيئاً من سخطه أو أصبر على شيء من عذابه؟ فيكون استحضاره ذلك زاجراً له عن اقتراف المآثم.
ثبت في البخاري من حديث أَبِى هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : ( إِذَا قَضَى اللهُ الأَمْرَ في السَّمَاءِ ضَرَبَتِ المَلاَئِكَةُ بِأَجْنِحَتِهَا خُضْعَانًا لِقَوْلِهِ كَالسِّلسِلَةِ عَلَى صَفْوَانٍ ، فَإِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلُوبِهِمْ قَالُوا : مَاذَا قَالَ رَبُّكُمْ ؟قَالُوا لِلذِي قَالَ : الحَقَّ وَهْوَ العَلِىُّ الكَبِيرُ )

وإذا كانت الملائكة في السماء تخشع عند سماع قوله وتفزع عن إلقاء وحيه كما جاء ذلك في قوله : ( حَتَّى إِذَا فُزِّعَ عَنْ قُلوبِهِمْ قَالوا مَاذَا قَال رَبُّكُمْ قَالوا الحَقَّ وَهُوَ العَليُّ الكَبِيرُ ) [سبأ:23] ، إذا كان هذا أمرها وهذا قولها وفعلها ، فحري بالعبد أن يخشع لسماع قوله ، ويطمئن قلبه عند ذكره ، وأن يتذلل بين يدي مولاه ، فيركن إليه ويعتمد عليه ثقة في أنه العلى ولا علي على الإطلاق سواه

6- أن تنزه ربك العلي عن كل نقص وإذا سمعت من ينسب له ما لا يليق به سبحانه فأيقن أن قدر الله أعلى وأجل من ذلك ولذا تجد أنه سبحانه إذا حكى قول المشركين الجاهلين به سبحانه أو أخبر عن شركهم عقبها بقوله {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ } [الأنعام : 100] ولك في صالحي الجن أسوة {وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلا وَلَداً} الجن : 3

6-ما علا شيءٌ من الدنيا إلا وُضِع :
عن أنس رضي الله عنه قال : كانت ناقة رسول الله صلى الله عليه وسلم العضباء لا تُسْبق أو لا تكاد تُسبق ، فجاء أعرابي على قعود له فسبقها ، فشق ذلك على المسلمين حتى عرفه النبيُّ صلى الله عليه وسلم ، فقال”حقٌ على اللَّه أن لا يرتفع شيءٌ من الدنيا إلا وضعه ” .

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ شرح أسماء الله الحسنى - العلي والأعلى والمتعالي

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day