الله في حياتي – اسم الله العليّ – جـ1
اللهم اجعلنا ممن قطعوا هذه الحياة متعرّفين إليك مشتاقين إليك يا رب العالمين..
واجعلنا دائما في هذه الحياة ممن جعلوا حياتهم بك لك يا رب العالمين وأنت على كل شيء قدير..
اللهم بك نسير والأمر عليك يسير فاحملنا إليك يا أرحم الراحمين بيدك الأمر وأنت على كل شيء قدير..
التعلق والتخلّق:
رباعية الإحصاء المبتكرة كيف نحصي أسماء الله الحسنى؟ كل اسم ينبغي أن نحصيه بمعنى أن نعرف مدلولاته، وأسراره، ومعانيه وفهمه ثم بعد ذلك كيف نتعايش ونعيش بهذا الاسم الإلهي.
التعلّق أولا والتخلّق ثانيًا والتفرّد ثم التجّرد، هذه الرباعية التي ينبغي أن نسير بها في حياتنا فمن لم يتجرّد لا يستطيع الدخول على الله، ومن لم يتفرّد بخُلُقٍ ما سيكون مثله مثل غيره، ومن لم يتعلق بقلبه لله عز وجل فلن يتخلّق بعد ذلك، ندور في هذه الرباعية… في حلقة نكون من المتعلقين وفي حلقة نكون من المتخلقين
الله العلي سبحانه وتعالى الأعلى جل في علاه
العلي الأعلى، آية في كتاب الله، آية الكرسي ختمها الله سبحانه وتعالى بخاتمة عظيمة (وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ) اجتمع اسم الله العلي مع اسم الله العظيم، وما أظن أن هناك في الوجود من اجتمع فيه العلي العظيم إلا الله جلّ وعلا سبحانه وتعالى قد يكون هناك من عظيم من خلال كسب هذه العظمة، ليست هناك عظمة ذاتية فيه وإنما من خلال علم ما، من خلال مدح الثناء وثنائهم عليه، من خلال أي شيء كان نقول هذا عظيم لكنه أمر كسبي ليس ذاتي فيه أبدا. أما العظمة المطلقة فهي لربنا سبحانه وتعالى العظيم فعندما نركع نحن ننحني ونحن معظمين ونرفع رأسنا ونحن من المثنين نقول سمع الله لمن حمد. وسمع الله لمن حمد معناها بعد أن كنت راكعا لله أنك تقول لنفسك المقام الوحيد الذي يتناسب مع من عرف الله العلي العظيم هو أن تقوم وليس لك ما تقوله إلا الثناء عليه والحمد والتمجيد والتحميد. سمع الله لمن حمد يعني أجاب الله لمن دعا وأثنى عليه، في هذا المقام يعلمنا سيد الخلق خير من أثنى على الله وخير من مجّد الله يقول ربنا ولك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا كما ينبغي لجلال وجهك وعظيم سلطانه، يثني على الله عز وجل بأعظم العبارات وأجلّ الكلمات إذن العلي عندما يجتمع مع العظيم لا يكون إلا لله جلّ وعلا
اسم الله العليّ جلّ وعلا، علو في الذات، علو في الصفات، علو في المكان والمكانة، علو في كل شيء.
نستعرض الآيات حتى ندرك من الرب الذي نعبده سبحانه وتعالى، وانظروا الأسماء التي تقترن بالعليّ
(وَأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْعَلِيُّ الْكَبِيرُ) [الحج:62]
(سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) ﴿١﴾ الأعلى
(إِلَّا ابْتِغَاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلَى) ﴿٢٠﴾ الليل
(عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ) (9) الرعد
(يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [النحل:50]
(إِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ وَالْعَمَلُ الصَّالِحُ يَرْفَعُهُ) [فاطر:10]
(أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ) [الملك:16]
أما أعظم آية في كتاب الله تصف العلو الرباني
(الرَّحْمَٰنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَىٰ) (5) طه
استوى باسمه الرحمن ولم يستوي باسمه الملك المهيمن العليّ، الأسماء الملكية التي تناسب العرش وإنما انتخب لنا اسمه سبحانه وتعالى “الرحمن” وكأنه يقول: ما استويت إلا لأرحم جلّ في علاه.
هذا العلو فطريّ فحتى غريزة الإنسان تدل على علوّ الله. الكافر، الملحد، المشرك، اللاديني الذي لا يعرف الله عز وجل سبحانه وتعالى إذا جاء ينادي ينظر لأعلى، إذا جاء يدعو يرفع يديه إلى أعلى، إذا جاء يسأل يرفع بصره إلى أعلى، إذا سقط من مكان ما يريد أن يناجي الله ليس هناك إتجاه آخر يتجه إليه، فطرة داخلية تدلنا وكأن هذا الأمر تشكل في داخلنا أن ربنا هو العلي، ربنا هو الأعلى، أن ربنا استوى على عرشه استواء يليق بجلاله وعظيم سلطانه لذلك المؤمن دائمًا عنده صفة العلو، ينظر إلى الأعلى وهو فرح، ينظر إلى الأعلى يتحرك برجليه على الأرض لكن القلب معلّق بالله عز وجل الفؤاد معلّق بالله سبحانه وتعالى، هذا القلب معلّق بالعلي جلّ في علاه، يناديه دائمًا، قلبه متعلّق بالعلي سبحانه وتعالى
ومن عجائب الآيات في كتاب الله عز وجل التي فيها دلالة أن من يريد أن يعلو أو كل من تعلّق بالعلي علا قدره وارتفع شأنه
(قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ (68) طه) قالها لموسى عليه السلام طمأنينة نزلت عليه لأنه تعلّق بالله الأعلى فإذا بالله تعالى يطمئنه (لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَىٰ)
وكذلك ربنا يقول عن القرآن (وَإِنَّهُ فِي أُمِّ الْكِتَابِ لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ (4) الزخرف) هذا الكتاب في أم الكتاب لدينا لعلي حكيم اكتسب صفة العلو من الله سبحانه وتعالى العلي جل في علاه.
إذا كان الله سبحانه وتعالى هو العلي فربنا يقول (وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ) قال هذه الآية في مقام أن لا نخاف وألا نحزن (وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (139) آل عمران) والمؤمن دائمًا عنده هذه الميزة: لا يقلق، لا يحزن، لا يخاف، لا ييأس لأنه مرتبط بالعليّ سبحانه وتعالى جلّ في علاه عندما يعرف أن الله عليّ القدر، عليّ الذات، عليّ في صفاته، عليّ المكان والمكانة، إنه الله العليّ سبحانه وتعالى فلا نملك إلا شيء واحد: (سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى) وهذا ما فعله سيد الخلق أول ما نزلت هذه الآية قال اجعلوها في سجودكم، نخضع وننكسر ونخرّ بين يدي ربنا ونقول يا رب علمنا، فهمنا اجعلنا من أعلى الناس قدرا، علّمنا اسمك العلي، فهمنا اسمك العلي إنك على كل شيء قدير.