الشبَهات حول أسماء الله (الغفور - الغفار - الغافر)


فريق عمل الموقع

الشبهة الأولى:

هل الاعتراف بالخطيئة بمجرده مع التوحيد موجب لغفرانها وكشف الكربة الصادرة عنها؛ أم يحتاج إلى شيء آخر؟ 

الرد عليها:

فجوابه: أن الموجب للغفران مع التوحيد هو التوبة المأمور بها؛ فإن الشرك لا يغفره الله إلا بتوبة؛ كما قال تعالى:

{ إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]

في موضعين من القرآن وما دون الشرك فهو مع التوبة مغفور؛ وبدون التوبة معلق بالمشيئة. كما قال تعالى:

{ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا} [الزمر: 53]

فهذا في حق التائبين، ولهذا عمم وأطلق، وختم أنه يغفر الذنوب جميعا، وقال في تلك الآية:

{ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48]

فخص ما دون الشرك وعلقه بالمشيئة فإذا كان الشرك لا يغفر إلا بتوبة؛ وأما ما دونه فيغفره الله للتائب؛ وقد يغفره بدون التوبة لمن يشاء.

فالاعتراف بالخطيئة مع التوحيد إن كان متضمنا للتوبة أوجب المغفرة؛ وإذا غفر الذنب زالت عقوبته؛ فإن المغفرة هي وقاية شر الذنب.

[الفتاوى الكبرى لابن تيمية، تقي الدين أبو العباس أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم بن محمد ابن تيمية الحراني الحنبلي الدمشقي (المتوفى: 728هـ) 5/274].

الشبهة الثانية:

لم كان يستغفر النبي - صلى الله عليه وسلم – وهو المعصوم من الذنوب؟!

الرد عليها:

لسببان:

أحدهما: تعليم لأمته أهمية الاستغفار، وضرورة المداوامة عليه.

الثاني: أنه كان يستغفر لِنَفسه عن تقصير الطَّاعاتِ لا الذُّنوب، فرُبَّما شُغِل بِطاعة عن طاعة، كما شُغِلَ صلى الله عليه وسلم عن الرَّكعتين بعد الظُّهْر بِوفد تميم، فصلاهما بعد العصر، فكان استغفاره لِلتقصير في طاعة انشغالاً بطاعة أخرى.

[هنيئًا لمن عرف ربه – أسماء الجمال -، د/ خالد أبو شادي، ص 233].

الشبهة الثالثة:

تعلل العصاة بأن الله غفور رحيم.

الرد عليها:

من لا يتردد عن فعل الكبائر ظالم لنفسه مسرف عليها في معاصي الله تعالى، قال الله تعالى:

{فَمِنْهُمْ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ وَمِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَمِنْهُمْ سَابِقٌ بِالْخَيْرَاتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذَلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ} [فاطر:32]

قال ابن كثير رحمه الله: "فمنهم ظالم لنفسه" وهو المفرط في فعل بعض الواجبات المرتكب لبعض المحرمات، "ومنهم مقتصد" وهو المؤدي للواجبات التارك للمحرمات، وقد يترك بعض المستحبات ويفعل بعض المكروهات، "ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله" وهو الفاعل للواجبات والمستحبات التارك للمحرمات والمكروهات وبعض المباحات. انتهى. فعلى هؤلاء أن يتقوا الله تعالى، ويقلعوا عن ارتكاب معاصي الله عز وجل الكبائر منها والصغائر. وأما تعللهم بأن الله غفور رحيم فحق يراد به باطل، فإن الله يقول:

{ نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ . وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الْأَلِيمُ} [الحجر: 49-50]

وقال:{ إِنَّ رَبَّكَ سَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [الأنعام:165]

فالله تعالى كما أنه هو الغفور الرحيم الذي يغفر الذنب، فهو كذلك يؤاخذ بالذنب، وكما أنه يعفو عن السيئات، فهو كذلك يعذب المجترئين على حرماته، وفي الحديث: إن الله يغار، وغيرة الله أن يأتي المؤمن ما حرم الله. رواه البخاري. وغيرة الله هنا غضبه على من يأتي محارمه. وأما استدلالهم بقول الله تعالى:

[ وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً ] [مريم:71]

فليس كما فهموا، فإن المتقين لا تمسهم النار وإن وردوها؛ كما قال الله تعالى:

{ ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً } [مريم:72]

{ إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ . لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ } [الأنبياء:101-102]

https://www.islamweb.org/ar/fatwa/33674/%D8%AA%D8%B9%D9%84%D9%84-%D8%A7%D9%84%D8%B9%D8%B5%D8%A7%D8%A9-%D8%A8%D8%A3%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87-%D8%BA%D9%81%D9%88%D8%B1-%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D9%85-%D8%AD%D9%82-%D9%8A%D8%B1%D8%A7%D8%AF-%D8%A8%D9%87-%D8%A8%D8%A7%D8%B7%D9%84

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الشبَهات حول أسماء الله (الغفور - الغفار - الغافر)

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day