التعريف بأسماء الله (الكريم - الأكرم)
(الكريم): الْكَرم سرعَة إِجَابَة النَّفس، وَالله تَعَالَى سَبَب كل خير ومسهله فَهُوَ أكْرم الأكرمين.
[تفسير أسماء الله الحسنى للزجاج 1/50].
والكريم: كثير الخير يعم به الشاكر، والكافر، إلا أن شكر نعمه داع للمزيد منها، وكفرها داع لزوالها. [تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي 1/225].
(الأكرم): يدل على الحصر، ولم يقل: ((الأكرم من كذا)) بل أطلق الاسم، ليبين أنه الأكرم مطلقاً غير مقيّد، فدلّ على أنه متصف بغاية الكرم الذي لا شيء فوقه ولا نقص فيه. [الثمر المجتنى مختصر شرح أسماء الله الحسنى للقحطاني 1/79].
والله تعالى أكرم الأكرمين، لا يوازيه كريم، ولا يعادله فيه نظير، وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم، كما جاء الأعز بمعنى العزيز. [الأسماء والصفات للبيهقي 1/147].
فهو من يعطي من غير منة و يبتدئ بالنعمة من غير استحقاق ويحسن من غير سؤال، كريم في عفوه حتى بدل سيئات التائبين حسنات. [المختصر المفيد في الأسماء والصفات لوليد كمال شكر 1/24].
وذكر ابن العربي - رحمه الله تعالى - في ذلك آثارًا عظيمة منها:
1- إن (الكريم) هو الكثير الخير فمن أكثر خيرًا من الله لعموم قدرته وسعة عطائه، قال سبحانه:
{ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا عِنْدَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ (21) } [الحجر: 21]
2- والكريم هو الدائم بالخير، وذلك بالحقيقة لله؛ فإن كل شيء ينقطعُ إلاّ الله وإحسانه، فإَّنه دائمٌ متصل في الدنيا والآخرة.
3- والكريم هو الذي يَسهل خيرهُ، ويقربُ تناول ما عنده، وهو الله بالحقيقة؛ فإنه ليس بينه وبين العبد حجابٌ، وهو قريب لمن استجاب؛ قال الله سبحانه:
{ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي } [البقرة: 186]
- إنَّ (الكريم) هو الذي له قدر عظيم، وخطرٌ كبير، فليس لأحدٍ قدر بالحقيقة إلا لله تعالى، إذ الكلُّ له خلقٌ وملك، إليه يضاف كل شيء، ومن شرفه يشرفُ كل شيء، وكرمُ كل كريمٍ من كرمه.
5- و(الكريم) هو المنزَّه عن النقائص والآفات، وهو الله وحده بالحقيقة؛ لأنه تقدَّس عن النقائصِ والآفات وحده على الإطلاق والتمام والكمال من كل وجهٍ، وفي كل حالٍ. بخلاف الخلق؛ فإنهم إن كَرُموا من وجه نقصوا من وجه آخر.
6- و(الكريم) بمعنى المُكرِم، فمن المكرمُ إلا الله تعالى؟ فمن أكرمه الله أُكرِمَ ومن أهانه أهين؛ قال عز وجل:
{ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ } [الحج:18]
7- و(الكريم) هو الذي لا يتوقع عِوضًا، وهو الله وحده؛ لأن كل شيء خَلْقه وملكه فما يعطي له وما يأخذه له، وما يُعطي كل مُعطٍ أو يعمل كل عاملٍ، فبقدرته وإرادته، والعوضُ والمعوَّض خلق له.
8- و(الكريم) هو الذي يعطي لغير سبب، وهو الله وحده؛ لأنه بدأ الخلق بالنِّعم، وختم أحوالهم بالنعم، وإن جاء في الأخبار أنه أعطي بكذا أو عمل بكذا لكذا، فالعطاءُ منه والسبب جميعًا، والكلُّ عطاءٌ بغير سبب.
9- و(الكريم) هو الذي لا يبالي من أعطى، وهو الله وحده؛ لأن الخلق جبلت قلوبهم على حب من أحسن إليها وبغض من أساء إليها، والباري يُعطي الكافرين والمتقين، وربما خَص الكافر في الدنيا بمزيد العطاء، ولكنَّ الآخرة للمتقين.
10- و(الكريم) هو الذي يُعطي من احتاج ومن لا يحتاج، وهو الله وحده؛ لأنه يُعطي ويزيد على قدر الحاجة، ويُعطي من يحتاج ومن لا يحتاج حتى يصب عليه الدنيا صبًّا.
11- و(الكريم) هو الذي لا يُخصُّ بكبير من الحوائج دون صغيرها، وهو الله تعالى.
وذكر القشيري أن موسى - عليه السلام - قال في مناجاته: إنه لتعرض لي الحاجة أحيانًا فأستحيي أن أسألك، فأسأل غيرك، فأوحى الله إليه: يا موسى لا تسل غيري، وسلني حتى ملح عجينك وعلف شاتك.
وذلك لأن أمرهُ بين الكاف والنون، فسواءً الصغير والكبير، بل الكبير عنده صغير، والعسير يسير، والصعب لين.
12- و(الكريم) هو الذي إذا وعد وَفَّى، فإن كل من يعد يمكن أن يفي، ويمكن أن يقطعه عُذرٌ، ويحولُ بينه وبين الوفاء أمرٌ. والباري صادق الوعدِ لعمومِ قدرته وعظيمِ ملكه، وإنه لا يتصوَّرُ أن يقطعَ به قاطع، ولا يحول بينه وبينه مانع.
13- و(الكريم) هو الذي لا يُضيع من التجأ إليه، وهو الله وحده، والالتجاء إليه: التزام الطاعة وحسن العمل، وقد أخبر بذلك عن نفسه حين قال:
{ إِنَّ الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا (30) } [الكهف: 30]
14- و(الكريم) هو الذي إذا أعطى زاد على المُنَى، وهو الله وحده، فقد رُوي أنه أعطى أهل الجنة مُناهم، ويزيدهم على ما يعلمون، وقد صح أنه قال سبحانه:
(أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذنٌ سمعت ولا خطر على قلب بشر، بَلْهَ ما أُطلعتم عليه)
[ولله الأسماء الحسنى لعبد العزيز بن ناصر الجليل 1/481 – 483] .