الشبَهات حول أسماء الله (الكريم - الأكرم)
الشبهة الأولى:
كيف نصف المخلوق بصفة الكرم وهي من صفات الله تعالى؟
الرد عليها:
الاشتراك في الأسماء والصفات لا يستلزم تماثل المسميات والموصوفات،
{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [الشورى:11]
فهذا اللفظ يطلق على الله وعلى غيره، فلله منه الوصف الأكمل سبحانه وتعالى، وللعبد الوصف الذي يليق به فعزة تليق به وكرم يليق به وعظمة تليق به.
ومن هذا قوله جل وعلا في وصف بلقيس: {وَلَهَا عَرْشٌ عَظِيمٌ} [النمل:23]، من هذا: {رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ} [النمل:26]، في قراءة جماعة من القراء جعلوا العظيم وصفاً للعرش ، {رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ} [المؤمنون:116] كذلك.
فالحاصل: أن الكريم والعظيم يوصف بهما المخلوق من بني آدم ومن غير بني آدم ولكل ما يليق به، لله ما يليق به وهو الكمال المطلق وللمخلوق ما يليق به من صفة العظمة والكرم والعزة.
الشبهة الثانية:
عند قول: القرآن الكريم.
فهل الكريم هنا بأل التعريف، تعني أن أكرم شيء القرآن؟ فكيف ذلك والله هو أكرم الأكرمين، والقرآن صفة لله؟
الرد عليها:
فإن الكريم هنا نعت لكلمة القرآن المعرفة، وقد طابقتها في التعريف، كما طابقتها في التنكير، في قوله تعالى:
{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} {الواقعة:77}
ولكن مجرد التعريف بأل، لا يعني التفضيل، حتى يتوهم التعارض بينه وبين وصف الله بأنه الأكرم، في قوله تعالى:
{اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} {العلق:3}
فإن القرآن لم يوصف بالتفضيل، كما وصف الله تعالى بأنه الأكرم، فهذه العبارة تدل على التفضيل، وقد تأتي بمعنى الكريم.
فقد جاء في الأسماء والصفات للبيهقي: ومنها: الأكرم "قال الله عز وجل:
{وربك الأكرم} [العلق: 3]
ورويناه في خبر الأسامي، عن عبد العزيز بن الحصين، قال أبو سليمان: هو أكرم الأكرمين, لا يوازيه كريم, ولا يعادله فيه نظير, وقد يكون الأكرم بمعنى الكريم, كما جاء الأعز بمعنى العزيز. اهـ.
ثم إن القرآن من كلام الله، وكلامه صفة من صفاته، والله عز وجل بصفاته هو الأعز الأكرم سبحانه وتعالى، فلا حرج لو قيل عن القرآن إنه الأكرم، ولا مفاضلة بين الذات وصفاتها.
وثبت في النصوص ما يفيد عظمة القرآن، وفضله، وشرفه؛ فهو كلام الله.
{ لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ } {فصلت:42}
وهو المعجزة الكبرى، الخالدة لرسولنا، تكفل الله ـ سبحانه ـ بحفظه من التحريف والتبديل، دون سائر الكتب السماوية، يقول تعالى:
{ إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} {الحجر:9}
وهو أفضل الكلام، كما في الحديث: أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة. رواه مسلم .
ولقد وصفه الله تعالى بأوصاف الجلال والكمال، فقال:
{ وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ } {الحجر:87}
{ يس* وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ } {يس:2،1}
وجاء في بصائر ذوي التمييز، في لطائف الكتاب العزيز للفيروز آبادي: اعلم أن كثرة الأسماء، تدل على شرف المسمى، أو كماله في أمر من الأمور. أما ترى أن كثرة أسماء الأسد، دلت على كمال قوته، وكثرة أسماء القيامة، دلت على كمال شدته وصعوبته، وكثرة أسماء الداهية، دلت على شدة نكايتها. وكذلك كثرة أسماء الله تعالى، دلت على كمال جلال عظمته، وكثرة أسماء النبي صلى الله عليه وسلم، دلت على علو رتبته، وسمو درجته. وكذلك كثرة أسماء القرآن، دلت على شرفه، وفضيلته. وقد ذكر الله تعالى للقرآن مائة اسم، نسوقها على نسق واحد. ويأتي تفسيرها في مواضعها من البصائر.
الأول: العظيم:
{مِنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ} {الحجر: 87}
الثاني: العزيز:
{وَإِنَّهُ لَكِتَابٌ عَزِيزٌ} {فصلت: 41}
الثالث: العلى:
{لَدَيْنَا لَعَلِيٌّ حَكِيمٌ} {الزخرف: 4}
الرابع: المجيد
{بَلْ هُوَ قُرْآنٌ مَجِيدٌ} {البروج:21}
الخامس: المهيمن:
{وَمُهَيْمِنًا عَلَيْهِ} {المائدة: 48}
السادس: النور:
{وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ} {الأعراف: 157}
السابع: الحق:
{قَدْ جَاءَكُمُ الْحَقُّ مِنْ رَبِّكُمْ} {يونس: 108}
الثامن: الحكيم:
{يس * وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ} {يس: 1-2}
التاسع: الكريم:
{إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ} {الواقعة: 77}