الكريم الأكرم


أ.د. أمير الحداد

-لماذا تركز دائما على أسماء الله الحسنى المقترنة، والمتشابهة في الألفاظ، مع أن جميع من كتب في هذا الباب -حسب علمي- يذكر الأسماء الحسنى، ودليل ثبوت كل اسم، والمعنى؟

– صدقت، والسبب هو أن الأسماء الحسنى التي وردت في كتاب الله غالبا ما ترد مقترنة، اسمين اسمين، ولا سيما في خواتيم آي القرآن، وكما قال شيخ الإسلام ابن القيم أن اقتران الاسمين يعطي كمالا وجمالا جديدا لم يكن في كل اسم منفردا.

     وسبب آخر أن كثيرا من الناس لا يعرف الفرق بين الأسماء الحسنى المتشابهة في الأحرف، مثل العلي والأعلى والمتعال، والرازق والرزاق، والشاكر والشكور، والقاهر والقهار، والملك والمالك والمليك، والقادر والقدير والمقتدر، والكريم والأكرم.

استوقفني.

– هذا أنا أحتاج أن أعرف معناها.

صاحبي (فهد)، متابع جيد لما أكتب سواء في مقالي الأسبوعي في مجلة الفرقان، أم عبر موقعي على الشابكة العالمية.

– لك ذلك يا أبا محمد إن شاء الله.

– أما اسم الله (الكريم) فقد ورد في كتاب الله مرتين:

     {قَالَ الَّذِي عِنْدَهُ عِلْمٌ مِنَ الْكِتَابِ أَنَا آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْكَ طَرْفُكَ ۚ فَلَمَّا رَآهُ مُسْتَقِرًّا عِنْدَهُ قَالَ هَٰذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ ۖ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ ۖ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} (النمل:40)

{يَا أَيُّهَا الْإِنْسَانُ مَا غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ} (الانفطار:6)

     ففي الآية الأولى اقترن باسم الله (الغني)، وفي الآية الثانية اقترن باسم الله (الرب)، وفي الآيتين كان الاسم الثاني، فالله سبحانه (غني كريم) وهو سبحانه (رب كريم)، أما الأكرم فقد ورد مرة واحدة في القرآن.

{اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ} (العلق:3)

     والفرق بين (الكريم) و(الأكرم)، أن الثاني أبلغ، وصيغة مبالغة من (الكريم)، فالكريم يصفح ويعطي دون منّ، وتتعدد عطاياه، والله سبحانه له منتهى الكرم، فهوكريم كرما يليق به سبحانه وتعالى، و(الأكرم) هو المنفرد بكل أنواع الكرم، فلا كريم مثله عز وجل، كما هو أرحم الراحمين، هو أكرم الأكرمين، بل لا (أكرم) إله هو سبحانه كأنه جعل اسم (الأكرم) حصر على الله عز وجله لفظا ومعنى، أما (الكريم) فقد يسمى ويوصف به غير الله بطريقة تناسب المخلوقين.

– أليس من معاني (الكريم) أي (المكرم)؟!

– نعم في اللغة هذا المعنى الصحيح، ووصف الله بعض مخلوقاته بهذه الصفة،

{أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ} (الشعراء:7)

{كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ (25) وَزُرُوعٍ وَمَقامٍ كَرِيمٍ} (الدخان:25-26)

{إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ} (الحاقة:40 – التكوير:19).

ولو تدبرنا الآيات التي ورد فيها اسم الله (الكريم) واسم الله (الأكرم) لعرفنا الفرق في سبب ورودها.

     ففي الآيتين التي وردت فيها اسم الله الكريم، يذكر الله أنه (غني كريم)، وذلك بعد ذكره لقاعدة شرعية: (ومن شكر فإنما يشكر لنفسه، ومن كفر فإن ربي غني كريم)، فمن شكر نعمة الله عليه، وأدى حق هذه النعمة، فإن الغني الكريم يزيده، {وإذ تأذن ربكم لئن شكرتم لأزيدنكم}، ومن أراد أن يسأل فليسأل الغني: (الذي يملك كل شيء)، وبلا حدود، وهو (كريم) أيضا يعطي بلا حدود ولا نقص فيما يملك، وفي الآية الثانية، يبين الله عز وجل نعمته على الإنسان عموما، وأن لا عذر له في الإعراض عن ربه الكريم، (فالرب) خلقه، ومن كرمه أعطاه كل شيء في خلقه، ومقومات بقائه، فلم الإعراض؟!

     أما (الأكرم)، فقد ورد في قوله تعالى: {اقرأ وربك الأكرم}، خطاب للنبي صلى الله عليه وسلم  بأنه أكرمه بأعظم نعمة، بأن اختاره لأسمى رسالة، وأعظم منزلة، فلا نعمة أعظم من هذه، على الإطلاق، فهي من عند (الأكرم) سبحانه، (أكرم) بها رسوله صلى الله عليه وسلم ، وإلا فإنه سبحانه (كريم) مع جميع خلقه، ولا سيما مع أنبيائه ورسله، ولكنه (أكرم) مع محمد بن عبدالله صلى الله عليه وسلم ، فناسب أن يكون (ربك الأكرم).

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الكريم الأكرم

  • الكريم- الأكرم

    فريق عمل الموقع

    الكريم- الأكرم قال تعالى: (يا أيها الإنسان ما غرك بربك الكريم)وقال: (اقرأ وربك الأكرم)، الكريم الأكرم "هو الذي

    14/01/2021 1659
  • آيات قرآنية ورد فيها أسماء الله (الكريم - الأكرم)

    فريق عمل الموقع

    وذكر اسم الله (الكريم) في القرآن الكريم في ثلاثة مواضع، حيث ذكر بلفظ (الكريم) في موضعين، وبلفظ (كريم) في موضع

    22/05/2021 6019
  • الكريم – الأكرم

    الموسوعة العقدية – الدرر السنية.

    قال تعالى: {فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ

    22/05/2021 660
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day