الشبَهات حول اسم الله (الظاهر)


فريق عمل الموقع

الشبهة الأولى: 

اسم الله الظاهر يقتضي حلول الله.

الرد عليها:

هذا باطل؛ لأنه خلاف ما فسر به النبي ﷺ الآية الكريمة، فقد ثبت عنه ﷺ أنه قال: اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء، وأنت الآخر فليس بعدك شيء، وأنت الظاهر فليس فوقك شيء، وأنت الباطن فليس دونك شيء، اقض عني الدين وأغننا من الفقر أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، فـ "الظاهر" معناها: العالي فوق جميع الخلق، ولكن آياته ودلائل وجوده وملكه وعلمه موجودة في كل شيء، وأنه رب العالمين وخالقهم ورازقهم، فأنت أيها الإنسان الذي أعطاك الله السمع والبصر والعقل، وأعطاك هذا البدن والأدوات التي تبطش بها وتمشي بها من جملة الآيات الدالة على أنه رب العالمين، وهكذا السماء والأرض والليل والنهار والمعادن والحيوانات وكل شيء، كلها آيات له سبحانه وتعالى تدل على وجوده وقدرته وعلمه وحكمته، وأنه المستحق للعبادة، كما قال الشاعر:

فواعجبا كيف يعصي الإلـ تــدل على أنـه واحــد

والله يقول جل وعلا:

وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [البقرة: 163]

ثم قال بعدها:

{إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ} [البقرة: 164]

فأوضح سبحانه في هذه الآية أنواعا من مخلوقاته الدالة على أنه سبحانه هو الإله الحق الذي لا تجوز العبادة لغيره سبحانه وتعالى، فكل شيء له فيه آية ودليل على أنه رب العالمين، وأنه موجود وأنه الخلاق وأنه الرزاق وأنه المستحق لأن يعبد سبحانه وتعالى، وأما معنى الظاهر فهو العالي فوق جميع الخلق، كما تقدم ذلك في الحديث الصحيح عن رسول الله ﷺ.

https://binbaz.org.sa/fatwas/1664/%D9%85%D8%B9%D9%86%D9%89-%D9%83%D9%84%D9%85%D8%A9-%D8%A7%D8%B3%D9%85%D9%87-%D8%AA%D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%89-%D8%A7%D9%84%D8%B8%D8%A7%D9%87%D8%B1

الشبهة الثانية:

أليس من التناقض أن يكون الظاهر هو الباطن؟ 

الرد عليها: 

نقل عن أبي سعيد الخراز أنه قيل بماذا عرفت ربك؟

قال بجمعه بين الأضداد وقرأ قوله:

{هُوَ الأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}

أراد بذلك أنه مجتمع في حقه سبحانه ما يتضاد في حق غيره فإن المخلوق لا يكون أولا آخرا باطنا ظاهرا. [الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ت728هـ 5/78].

قال أبو حامد الغزالي: هذان الوصفان من المضافات فإن الظاهر يكون ظاهرا لشيء وباطنا لشيء ولا يكون من وجه واحد ظاهرا وباطنا بل يكون ظاهرا من وجه بالإضافة إلى إدراك وباطنا من وجه آخر فإن الظهور والبطون إنما يكون بالإضافة إلى الإدراكات والله سبحانه وتعالى باطن إن طلب من إدراك الحواس وخزانة الخيال ظاهر إن طلب من خزانة العقل بطريق الاستدلال فإن قلت أما كونه باطنا بالإضافة إلى إدراك الحواس فظاهر وأما كونه ظاهرا للعقل فغامض إذ الظاهر ما لا يتمارى فيه ولا يختلف الناس في إدراكه وهذا مما قد وقع فيه الريب الكثير للخلق فكيف يكون ظاهرا فاعلم أنه إنما خفي مع ظهوره لشدة ظهوره فظهوره سبب بطونه ونوره هو حجاب نوره وكل ما جاوز حده انعكس على ضده

ولعلك تتعجب من هذا الكلام وتستبعده ولا تفهمه إلا بمثال

فأقول لو نظرت إلى كلمة واحدة كتبها كاتب لاستدللت بها على كون الكاتب عالما قادرا سميعا بصيرا واستفدت منه اليقين بوجود هذه الصفات بل لو رأيت كلمة مكتوبة لحصل لك يقين قاطع بوجود كاتب لها عالم قادر سميع بصير حي ولم يدل عليه إلا صورة كلمة واحدة وكما تشهد هذه الكلمة شهادة قاطعة بصفات الكاتب فما من ذرة في السموات والأرض من فلك وكوكب وشمس وقمر وحيوان ونبات وصفة وموصوف إلا وهي شاهدة على نفسها بالحاجة إلى مدبر دبرها وقدرها وخصصها بخصوص صفاتها بل لا ينظر الإنسان إلى عضو من أعضاء نفسه وجزء من أجزائه ظاهرا وباطنا بل إلى صفة من صفاته وحالة من حالاته التي تجري عليه قهرا بغير اختياره إلا ويراها ناطقة بالشهادة لخالقها وقاهرها ومدبرها وكذلك كل ما يدركه بجميع حواسه في ذاته وخارجا من ذاته.

ولو كانت الأشياء مختلفة في الشهادة يشهد بعضها ولا يشهد بعضها لكان اليقين حاصلا للجميع ولكن لما كثرت الشهادات حتى اتفقت خفيت وغمضت لشدة الظهور ومثاله أن أظهر الأشياء ما يدرك بالحواس وأظهرها ما يدرك بحاسة البصر وأظهر ما يدرك بحاسة البصر نور الشمس المشرق على الأجسام الذي به يظهر كل شيء فما به يظهر كل شيء كيف لا يكون ظاهرا ولو تصور لله تعالى وتقدس عدم أو غيبة عن بعض الأمور لانهدت السموات والأرض وكل ما انقطع نوره عنه ولأدركت التفرقة بين الحالتين وعلم وجوده قطعا ولكن لما كانت الأشياء كلها متفقة في الشهادة والأحوال كلها مطردة على نسق واحد كان ذلك سببا لخفائه فسبحان من احتجب عن الخلق بنوره وخفي عليهم بشدة ظهوره فهو الظاهر الذي لا أظهر منه وهو الباطن الذي لا أبطن منه تنبيه

لا تتعجبن من هذا في صفات الله تعالى وتقدس فإن المعنى الذي به الإنسان إنسان ظاهر باطن فإنه ظاهر إن استدل عليه بأفعاله المرتبة المحكمة باطن إن طلب من إدراك الحس فإن الحس إنما يتعلق بظاهر بشرته وليس الإنسان إنسانا بالبشرة المرئية منه بل لو تبدلت تلك البشرة بل سائر أجزائه فهو هو والأجزاء متبدلة ولعل أجزاء كل إنسان بعد كبره غير الأجزاء التي كانت فيه عند صغره فإنها تحللت بطول الزمان وتبدلت بأمثالها بطريق الاغتذاء وهويته لم تتبدل فتلك الهوية باطنة عن الحواس ظاهرة للعقل بطريق الاستدلال عليها بآثارها وأفعالها.

[المقصد الأسنى لأبو حامد الغزالي 1/ 136 – 138].

الشبهة الثالثة:

ظهور الله تعالى من معناه العلو، وقد ورد أنه سبحانه ينزل إلى السماء الدنيا، ألا يتنافى ذلك مع علوه سبحانه؟

الرد عليها:

الله تعالى يجمع بين هذا وهذا ويعجز المخلوق عن ذلك الجمع، فهو تعالى منزه أن يكون نزوله كنزول المخلوقين، فالمخلوق إذا نزل من علو إلى سفل زال وصفه بالعلو وتبدل وصفه بالسفول وصار غيره أعلى منه.

والرب تعالى لا يكون شيء أعلى منه قط بل هو العلي الأعلى ولا يزال كذلك مع قربه إلى عباده ودنوه منهم. 

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الشبَهات حول اسم الله (الظاهر)

  • التعريف باسم الله (الظاهر)

    فريق عمل الموقع

    (الظاهر): وهو في حق الله تعالى يدل على عظمة صفاته، واضمحلال كل شيء عند عظمته من ذوات وصفات وعلى علوه. [تفسير أسماء

    24/05/2021 1034
  • الظاهر والباطن

    فريق عمل الموقع

    الظاهر والباطن قال تعالى: (هو الأول والآخر والظاهر والباطن وهو بكل شيء عليم)، قال الزجاج: "الله عالم ببواطن

    13/01/2021 2134
  • آيات قرآنية ورد فيها اسم الله (الظاهر)

    فريق عمل الموقع

    وذكر اسم الله (الظاهر) في القرآن الكريم في موضع واحد: 1- {هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ

    24/05/2021 2007
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day