الشبَهات حول اسم الله (الأول)
الشبهة الأولى:
خلق الله الخلق فمن خلق الله؟
الرد عليها:
عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ، قَالَ: كُنْتُ عِنْدَ أَبِي هُرَيْرَةَ، فَسَأَلَهُ رَجُلٌ عَنْ شَيْءٍ لَمْ أَدْرِ مَا هُوَ، قَالَ: فَقَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: اللهُ أَكْبَرُ، سَأَلَ عَنْهَا اثْنَانِ، وَهَذَا الثَّالِثُ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
" إِنَّ رِجَالًا سَتَرْتَفِعُ بِهِمُ الْمَسْأَلَةُ، حَتَّى يَقُولُوا: اللهُ خَلَقَ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَهُ؟ " [إسناده صحيح على شرط الشيخين، أخرجه أحمد 13/ 201 حديث 7790].
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" لَا يَزَالُ النَّاسُ يَتَسَاءَلُونَ حَتَّى يُقَالَ: هَذَا خَلَقَ اللهُ الْخَلْقَ، فَمَنْ خَلَقَ اللهَ؟ فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا، فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللهِ " [أخرجه مسلم، 1/119 حديث 134].
وعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ , رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
" يَسْأَلُكُمُ النَّاسُ عَنْ كُلِّ شَيْءٍ , حَتَّى يَسْأَلُوكُمْ: هَذَا اللَّهُ خَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ فَمَنْ خَلَقَ اللَّهَ؟ قَالَ سُفْيَانُ قَالَ جَعْفَرٌ: فَحَدَّثَنِي رَجُلٌ آخَرُ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ , قَالَ جَعْفَرٌ كَانَ يَرْفَعُهُ: " فَإِنْ سُئِلْتُمْ فَقُولُوا: اللَّهُ قَبْلَ كُلِّ شَيْءٍ وَخَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ كَائِنٌ بَعْدَ كُلِّ شَيْءٍ " [أخرجه البيهقي في الأسماء والصفات 1/40 حديث 14].
الشبهة الثانية:
أليس من التناقض أن يكون الأول هو الآخر؟
الرد عليها:
الأولية لا تجامع الآخرية، ولهذا فسرها النبي بقوله أنت الأول فليس قبلك شيء وأنت الآخر فليس بعدك شيء فأوليته أزليته وآخريته أبديته. [التفسير القيم لابن القيم 1/429].
وقد نقل عن أبي سعيد الخراز أنه قيل بماذا عرفت ربك؟
قال بجمعه بين الأضداد وقرأ قوله:
{هُوَ الأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ}
أراد بذلك أنه مجتمع في حقه سبحانه ما يتضاد في حق غيره فإن المخلوق لا يكون أولا آخرا باطنا ظاهرا. [الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح لابن تيمية ت728هـ 5/78].
قال حجة الإسلام الغزالي: إن الأول يكون أولا بالإضافة إلى شيء، والآخر يكون آخرا بالإضافة إلى شيء، وهما متناقضان فلا يتصور أن يكون الشيء الواحد من وجه واحد بالإضافة إليها أول إذ كلها استفادت الوجود منه سبحانه وأما هو عز وجل فموجود بذاته وما استفاد الوجود من غيره سبحانه وتعالى.
ومهما نظرت إلى ترتيب السلوك ولاحظت مراتب منازل السائرين إليه فهو آخر إذ هو آخر ما يرتقي إليه درجات العارفين وكل معرفة تحصل قبل معرفته فهي مرقاة إلى معرفته والمنزل الأقصى هو معرفة الله سبحانه وتعالى، فهو آخر بالإضافة إلى السلوك أول بالإضافة إلى الوجود فمنه المبدأ أولا وإليه المرجع والمصير آخرا. [المقصد الأسنى لأبي حامد الغزالي 1/136].