الخالق - الخلّاق - البارئ - المصوّر
الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَىٰ... ﴾ [الحشر: ٢٤].
وقال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ الْخَلَّاقُ الْعَلِيم ﴾ [الحِجر: ٨٦].
المعنى:
الخالق والبارئ والمصوّر ثلاثة أسماء متتالية، فالخالق من الخلق، وهو التقدير، أي: إذا أراد الله خَلْقَ شيءٍ قدَّره وقرَّره، والبارئ هو الموجِد لمخلوقاته من العدم، والمصوّر هو الذي أعطى كل مخلوق صورته الخاصة.
فكأنما هي ثلاثة مراحل مرتبة: التقدير، ثم التنفيذ والإيجاد، ثم التصوير.
قال ابن كثير: "الخلق: التقدير، والبُرء: هو الفري، وهو التنفيذ وإبراز ما قدّره وقرّره إلى الوجود...، المصوّر، أي: الذي يُنفّذ ما يريد إيجاده على الصفة التي يريدها". (تفسير ابن كثير).
وقال ابن القيم: "البارئ والمصوّر تفصيل لمعنى اسم الخالق". (شفاء العليل لابن القيم).
والخلّاق: صيغة مبالغة، تدل على كثرة خلق الله تعالى وإيجاده، قال تعالى: ﴿ إِنَّ رَبّك هُوَ الْخَلَّاق الْعَلِيم ﴾ [الحجر: ٨٦].
وإذا أضيف الخلق إلى المخلوق كما في قوله تعالى عن عيسى عليه السلام: ﴿ أَنِّي أَخْلُقُ لَكُم مِّنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِ اللّهِ ﴾ [آل عمران: ٤٩]، فالمعنى فهو تحويل الشيء من صفة إلى صفة، فالخشبة مثلًا في أصلها من الشجرة، ثم حُوّلت بالنجارة إلى باب، فتحويلها إلى باب يُسمَّى خَلْقًا، لكنه ليس الخَلْق الذي يختص به الخالق وهو الإيجاد من العدم.
مقتضى أسماء الله الخالق الخلّاق البارئ المصوّر وآثارها:
أسماء الله الخالق والخلّاق والبارئ والمصوّر تُعرّف العبدَ على خالقه ومُوجِده ومصوّرِه، فالإنسان مخلوق، والمخلوق لا بدّ له من خالق، فبعدما كان العبد عَدَمًا أوجده الله سبحانه وصَوّره وخَلَقَه في أحسن تقويم، مما يوجب على العبد شكر خالقه والثناء عليه، وتوحيده والإخلاص له، وتعظيمه وتمجيده.
فالله تعالى لم يخلقنا عبثًا بلا قصد ولا حكمة، بل خلقنا لعبادته وتوحيده وإقامة شرعه، قال تعالى: ﴿ أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لَا تُرْجَعُونَ ﴾ [المؤمنون: ١١٥]، فالغاية من خلق الخلق هي عبادة الله تعالى، قال تعالى: ﴿ وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ ﴾ [الذاريات: ٥٦، ٥٧].