من أسماء الله الحسنى ( اسم الله البصير ، الأول )
الخطبة الأولى من أسماء الله الحسنى ( البصير ، الأول )
الحمد لله رب العالمين.. اللهم لك الحمد عدد خلقك ورضا نفسك وزنة عرشك ومداد كلماتك .. واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ..واشهد أن محمدا عبده ورسوله صاحب الخلق العظيم والقلب الرحيم ورحمة الله للخلق أجمعين ..اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
يقول الله تعالى في محكم ’آياته (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ) الاعراف 180..
ونواصل حديثنا عن أسماء الله الحسنى ومع اسم الله ( البصير )…
فقد سمي الله به نفسه وسماه به رسوله صلى الله عليه وسلم …ففي القرآن الكريم.. قال تعالى
(إِنَّ اللهَ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) غافر 20.. وصفة الإبصار .. هي صفة ثابتة لله عز وجل.. نؤمن بها ولا ندري كيفيتها.. لأننا ما رأيناه وما رأينا له مثيلا ،
والله بصير بعين ..دل على ذلك ما رواه البخاري من حديث عَبْد اللهِ بن مسعود قال : ذَكَرَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم يَوْمًا بَيْنَ ظَهْرَي النَّاسِ المَسِيحَ الدَّجَّال فَقَال : ( إِنَّ اللهَ ليْسَ بِأَعْوَرَ ، أَلاَ إِنَّ المَسِيحَ الدَّجَّال أَعْوَرُ العَيْنِ اليُمْنَى ، كَأَنَّ عَيْنَهُ عِنَبَةٌ طَافِيَةٌ )
وليس إثبات الصفات لله تشبيها.. كما يظن البعض.. بل َهُوَ كَمَا قَال اللهُ تَعَالى في كِتَابِهِ
( ليْسَ كَمِثْلِهِ شَيءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ ) الشورى 11
فهو سبحانه بصير.. يرى أحوالنا ..ويسمع أقوالنا . وهو الذي يشاهد ويرى حتى لا يعزب عنه ما تحت الثرى…ويرى النملة السوداء في الليلة الظلماء على الصخرة الصماء
وقال لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم حينما تاقت نفسه إلى قبلة أبيه إبراهيم إلى البيت الحرام فنظر إلى السماء ينتظر الأمر بذلك فقال له السميع العليم :
( قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ) البقرة 144
هو البصير.. فلا تخاف أيها المؤمن من كيد الكائدين .. ولا ظلم الظالمين .. لأن الله معك يرى أحوالك ويسمع أقوالك .. فهو الذي قال لسيدنا موسى حينما أدركه فرعون يريد قتله
( قَالَ لَا تَخَافَا إِنَّنِي مَعَكُمَا أَسْمَعُ وَأَرَى ) طه 46
فاسم الله البصير.. يجعلك تعيش سعيدا آمنا.. وتنام قرير العين ..لأن الله بصير بك.. وعين الله تحفظك وترعاك… ويرى خائنة الأعين وتقلبات الأجفان وحركات الجنان، قال تعالى :
{ الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219) إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } الشعراء
نعم..{ يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور }، {والله على كل شيءٍ شهيد } …..
ثم ننتقل إلى اسم الله ( الأول )… فقد سمي الله به نفسه فقال تعالى :
( هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) الحديد 3
وفي صحيح مسلم من حديث أَبِى صَالِحٍ عَنْ أَبِى هُرَيْرَةَ أن النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم قال لفَاطِمَة لما جاءت إليه تَسْأَلُهُ خَادِمًا لها ، فَقَال لهَا قولي
(اللهُمَّ رَبَّ السَّماَوَاتِ وَرَبَّ الأَرْضِ وَرَبَّ العَرْشِ العَظِيمِ رَبَّنَا وَرَبَّ كُلِّ شيء ، فَالِقَ الحَبِّ وَالنَّوَى وَمُنْزِل التَّوْرَاةِ وَالإِنْجِيلِ وَالفُرْقَانِ أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ كُلِّ شيء أَنْتَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهِ اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَليْسَ قَبْلكَ شيء وَأَنْتَ الآخِرُ فَليْسَ بَعْدَكَ شيء وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَليْسَ فَوْقَكَ شيء وَأَنْتَ البَاطِنُ فَليْسَ دُونَكَ شيء اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ )
الخطبة الثانية ( أسماء الله الحسنى)
الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد حمدا كثيرا طيبا مباركا فيه … واشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له … واشهد أن محمدا عبده ورسوله … اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
أما بعد أيها المسلمون
واسم الله الأول ..دل على وصف الأولية فهو الأول.. فليس قبله شيء..
ومن الأولية أيضا.. تقدمه سبحانه على غيره في كل صفة كمال ..ومن حديث عِمْرَانَ بْنِ حُصَيْنٍ رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قَال : ( كَانَ اللهُ وَلمْ يَكُنْ شَيْءٌ قَبْلهُ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلى المَاءِ ، ثُمَّ خَلقَ السَّمَاوَاتِ وَالأرْض ، وَكَتَبَ فِي الذِّكْرِ كُل شَيْءٍ )…
وربما يسأل سائل ويقول : وماذا قبل العرش والماء ؟ والجواب : أن الله قد شاء أن يوقف علمنا عن بداية المخلوقات عند العرش والماء ، فقال تعالى :
( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلمِهِ إِلا بِمَا شَاءَ) البقرة 255
فالله أعلم.. هل توجد مخلوقات قبل العرش والماء أم لا ؟ لكننا نعتقد أن وجودها أمر ممكن متعلق بمشيئة الله وقدرته… فالله أخبرنا أنه يخلق ما يشاء.. ويفعل ما يشاء ..وهو على ما يشاء قدير : ( فَعَّالٌ لمَا يُرِيدُ )…
فكيف ندعوا الله باسمه الأول دعاء مسألة ودعاء عبادة ؟ دعاء المسألة كما في الحديث الذي رواه مسلم في صحيحه :
( اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ فَليْسَ قَبْلكَ شيء وَأَنْتَ الآخِرُ فَليْسَ بَعْدَكَ شيء وَأَنْتَ الظَّاهِرُ فَليْسَ فَوْقَكَ شيء وَأَنْتَ البَاطِنُ فَليْسَ دُونَكَ شيء اقْضِ عَنَّا الدَّيْنَ وَأَغْنِنَا مِنَ الفَقْرِ )
كما ورد عن علي رضي الله عنه أنه كان يقول في دعائه :
( اللهم إني أسألك برحمتك التي وسعت بها كل شيء.. وبجبروتك التي غلبت بها كل شيء وبعظمتك التي غلبت بها كل شيء وبسلطانك الذي ملأت به كل شيء.. وبقوتك التي لا يقوم لها شيء وبنورك الذي أضاء له كل شيء.. وبعلمك الذي أحاط بكل شيء.. وباسمك الذي تبيد به كل شيء.. وبوجهك الباقي بعد فناء كل شيء.. يا قدوس .. يا أول الأولين.. ويا آخر الآخرين.. ويا الله.. يا رحمن يا رحيم.. اغفر لي الذنوب التي تنزل النقم.. واغفر لي الذنوب التي تورث الندم …واغفر لي الذنوب التي تحبس القسم.. واغفر لي الذنوب التي تغير النعم.. واغفر لي الذنوب التي تنزل البلاء وتديل الأعداء.. واغفر لي الذنوب التي تحبس غيث السماء وتعجل الفناء وتظلم الهواء وترد الدعاء..واغفر لي الذنوب التي تكشف الغطاء)….