اسم الله الحسيب
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
من أسماء الله الحسنى: ( الحسيب ) :
أيها الأخوة الكرام ، مع اسم جديد من أسماء الله الحسنى والاسم اليوم " الحسيب " .
ورود اسم الحسيب في القرآن الكريم مطلقاً ومقيداً :
هذا الاسم ورد في القرآن الكريم مطلقاً في قوله تعالى :
" وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيباً " [النساء:86]
فالله سبحانه وتعالى من فوق عرشه حسيب باسمه وبصفته ، له الكمال المطلق في محاسبته لخلقه ، وله الكمال المطلق في علو شأنه ، وقد ورد هذا الاسم أيضاً مقيداً في قوله تعالى :
" فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالَهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيباً " [النساء:6]
دققوا في هذه اللغة التي أكرمها الله عز وجل فجعلها لغة كلامه ، ولغة قرآنه .
الحسيب في اللغة :
" الحسيب " على وزن فعيل من صيغ المبالغة ، الفعل ، حسِبَ ، يحسبُ ، حساباً وحسباناً ، ولكن دقة اللغة في حسبَ ويحسبُ ، ظن ، ويظن ، وفي حسب يحسب ، عدّ يعد وفي حسُب يحسبُ ، كان ذا حسب ، افتخر بحسبه ، وفي حسِبَ يحسبُ ، حاسب غيره ، حركة ، أربعة أفعال كل فعل له معنى مستقل عن الآخر .
فعن حمل زادي أنا في غنى
" الحسيب " الكافي ، يعلم ، ويرزق ، ويكفي ، والإنسان حينما يعرف الله منتهى طموحه أن يصل إليه .
والله سبحانه وتعالى حسيب كل أحد وكافيه ، كل شخص الله يحاسبه حساباً دقيقاً اطمأن .
" وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الْأَبْصَارُ " [إبراهيم:42]
الحقيقة الذي يكفيه كفاية مطلقة ، لا يمكن أن ينال هذه الصفة إلا الله ، أي إنسان يقدم شيئاً لكنك تحتاج إلى أشياء ، الله يقدم لك الأمن ، يقدم لك الحكمة ، يقدم لك الصحة ، يقدم لك نجاح الزواج ، يقدم لك أولاداً أبرار ، يقدم لك كفاية تزيد عن حاجتك ، يقدم لك راحة نفسية ، يقدم لك رضا ، يقدم لك حياة نفسية رائعة جداً ، يقدم لك حياة مادية رائعة ، الله عز وجل حسبك ، يكفيك كل شيء النواحي المادية والمعنوية .
الله عز وجل حسيب يكفي عباده إذا التجؤوا إليه واستعانوا به واعتمدوا عليه :
إذاً هو الله وحده كافٍ لكل شيء ، لا لبعض الأشياء ، كافٍ ليحصل به وجود الشيء ، واستمرار الشيء ، وكمال الشيء ، وجودك هو " الحسيب " استمرارك هو " الحسيب " كمال وجودك هو " الحسيب " .
" الحسيب " يكفي عباده إذا التجؤوا إليه ، واستعانوا به ، واعتمدوا عليه ، دققوا : " الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا " [آل عمران:173] .
أحياناً تشعر في حالات معينة أن العالم كله يحارب الإسلام ، وكأن حرباً عالمية ثالثة معلنة على هذا الدين ، والعجيب أن هذا الدين ينمو ، ينمو في كل مكان .
أنا زرت فرنسا ، الخبر أن خمسين فرنسياً من أصول فرنسية يدخلون في الإسلام يومياً ، وأن في فرنسا ألفين وسبعمئة مسجد ، وأن الدين الثاني هو الإسلام ، والحرب على الإسلام جهاراً نهاراً معلنة وليست مبطنة .
الله عز وجل لا تحتاج معه إلى أحد إذا توكلت عليه :
" الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " [آل عمران:173]
والله كلمة رائعة : " حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ " .
" فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ "[آل عمران:173] .
لا تحتاج معه إلى أحد ، لا تحتاج معه إلى معين ، لا إلى قوي هو القوي ، هو الغني ، هو الموفق : " حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ ، قالها إبراهيمُ حينَ أُلقِيَ فِي النَّارِ " [البخاري] يعني النار أُضرمت كنار عظيمة ليلقى بها هذا النبي الكريم ، فإذا قال حسبي الله ونعم الوكيل قال الله عز وجل : " يَا نَارُ كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ " [الأنبياء:69] .
وقد لا ننتبه لدقة هذا الكلام " كُونِي بَرْداً " لو لم يقل" وَسَلَاماً " لمات من البرد " كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً " ولو لم يقل " عَلَى إِبْرَاهِيمَ " لألغي مفعول النار إلى أبد الآبدين " كُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ " بالذات .
" وَأَرَادُوا بِهِ كَيْداً فَجَعَلْنَاهُمُ الْأَخْسَرِينَ " [الأنبياء:70]
الله عز وجل حسيب حسابه واقع لا محالة :
الآن " الحسيب " يحصي أعداد المخلوقات وهيئاتها ، يضبط مقاديرها وخصائصها ، يحصي أعمال المكلفين في مختلف الدواوين ، يحصي أرزاقهم ، أسبابهم ، أفعالهم ، مآلهم أحوالهم .
الله عز وجل حسيب بالمفهوم الشمولي ، عليم ، حسيب ، يحاسب ، قال حسابه واقع لا محالة .
" فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " [الحجر:92-93]
والله يا أخوان أتعجب ممن يترنم بكلمة مسؤول كبير ، والله لو علم معناها لارتعدت فرائصه ، مسؤول كبير ! .
يقول سيدنا عمر : والله لو تعثرت بغلة في العراق ( هو في المدينة ) لحاسبني الله عنها ، لِمَ لم تصلح الطريق لها يا عمر ؟ .
سيدنا عمر بن عبد العزيز دخلت عليه زوجته فاطمة بنت عبد الملك رأته يبكي قالت له : مالك تبكي ؟ قال لها : دعيني وشأني ، فلما ألحت عليه ، قال : ويحك يا فاطمة إني وليت أمر هذه الأمة ، فرأيت المريض الضائع ، والفقير الجائع ، والشيخ الكبير ، والأرملة الوحيدة ، وذي العيال الكثير ، والرزق القليل ، والمأسور ، والمظلوم ، وأمثالهم في أطراف البلاد ، فعلمت أن الله سيسألني عنهم جميعاً ، وأن خصمي دونهم رسول الله ، فخفت ألا تثبت حجتي فلهذا أبكي ، دعيني وشأني " فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ "لماذا طلقتها ؟ ماذا فعلت معك ؟ لماذا قبلت هذه الشراكة ؟ من أجل أن تأخذ خبرته ثم تطرده " فَوَرَبِّكَ لَنَسْأَلَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ (92) عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ " أنا دائماً أقول إذا كنت بطلاً هيئ لربك جواباً يوم القيامة ، لكل ما تفعل ، حسابه واقع لا محالة ، لا يشغله حساب عن آخر ، كما لا يشغله سمع عن سمع .
الله تعالى سريع الحساب لا يشغله شأن عن شأن :
نحن ثبت علمياً لا تستطيع إطلاقاً أن تنتبه إلى صوتين في آن واحد ، ومن توهم أنه يستطيع هو في الحقيقة عنده ما يسمى سرعة التحول ، أما أنت في وقت واحد لا تسمع إلا صوتاً واحداً ، الدليل : ائتِ بمسجلة وضعها على النافذة ، واجلس مع صديق حميم ساعة ، ثم اسمع ما سجلته المسجلة ، كل هذه الأصوات التي سجلتها لم تسمعها أنت هنا، كنت غارقاً مع صديقك في حديث طويل .
فالإنسان يصطفي ، الله عز وجل لا يشغله سمع عن سمع ، ولا دعاء عن دعاء ، ولا شأن عن شأن ، فهو سريع الحساب .
" الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ " [غافر:17] أحياناً بالكمبيوتر تسأل السؤال وتطلب الجواب ، يأتي فوراً ، يقول لك : سرعته عالية جداً ، المعالج بمستوى عالٍ جداً ، إذا إنسان صنع شيئاً يعطيك الجواب سريع ، فكيف خالق الأكوان ؟ .
الله عز وجل سمح لذاته العلية أن توازن مع مخلوقاته كي نعرف من هو الله :
الله عز وجل سمح لذاته العلية أن يوازنها مع مخلوقاته قال : " وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ " [الأنعام:62] .
" فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ " [المؤمنين:14] .
كلية صغيرة لا صوت ، ولا ضجيج ، ولا ألم ، تعمل ليلاً نهاراً حينما لا سمح الله ولا قدر تفشل كلية الإنسان يضطر بالأسبوع ثلاث مرات ، وكل مرة ثماني ساعات ، وكل جلسة خمسة أو ستة آلاف ، معقدة ، وبالنهاية التصفية غير كاملة ، وازن بين كلية صناعية وبين طبيعية ، أحياناً نجد القلب الصناعي بغرف عمليات القلب خزانة ، أجهزة ، قلب يعمل ليلاً نهاراً ، بلا كلل ، وبلا ملل .
الله عز وجل يعلم السر وما يخفى :
" الحسيب " هو الكريم ، العظيم ، المجيد ، الذي له علو الشأن ، ومعاني الكمال له في ذاته وصفاته مطلق الجمال والجلال .
" لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ " [الشورى:11] هل تعلم له سمياً ، أي مشابهاً .
"
لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ " [البقرة:284]
أنت مع طبيب إن لم تقل أنا أحس بألم في هذا المكان لا يعلم ، الطبيب لا يعلم إن أخفيت عنه الألم لا يعلم ، لكنك إن أخفيت عن الله عيوبك فالله عز وجل سيعالجك بها ، إن أعلنتها أو لم تعلنها ، إن أبديتها أو أخفيتها " لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنْفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ " من شاء المغفرة غفر الله له ومن شاء العذاب عذبه الله : الآن دقق :
" فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ " [البقرة:284]
من شاء المغفرة غفر الله له ، ومن شاء العذاب عذبه الله ، كيف يعني ؟ يقول طبيب لمريضه : معك التهاب معدة حاد ، هذا الالتهاب يشفى قطعاً بحمية صارمة ، فإن لم تتقيد بهذه الحمية الصارمة لابدّ من عمل جراحي ، الأمر بيدك ، تطبق حمية صارخة وصارمة تشفى من دون عمل جراحي ، تتساهل ، الأكل غالٍ عليك ، لابدّ من عمل جراحي .
كلام دقيق ، وكأن الله عز وجل يقول لك : تتوب ، تمتنع ، تسلم ، تتابع هذا الخطأ وهذا التجاوز ، لابدّ من تأديب
" فَيَغْفِرُ لِمَنْ يَشَاءُ وَيُعَذِّبُ مَنْ يَشَاءُ "إما بالحمية ، أو بعمل جراحي ، إما من دون ألم أو مع ألم .
" أَثنى رجل على رَجُل عند النبيِّ صلى الله عليه وسلم ، فقال : ويلك ، قطعتَ عُنق صاحبك - ثلاثا - ثم قال : مَنْ كان منكم مادحاً أخاه لا محالةَ ، فليقل : أَحْسِبُ فلاناً واللهُ حسيبه ، ولا يُزَكِّي على الله أحداً ، أَحْسِبُ كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه " [البخاري] .
على كل إنسان أن يكون متأدباً في تقييم الأشخاص :
يبدو أن سيدنا الصديق لما ولى سيدنا عمر بعده ، بعض الصحابة خافوا شدته ، وقلقوا على مصيرهم مع سيدنا عمر ، فجاؤوا وعاتبوا سيدنا الصديق ، وكأنهم خوفوه بالله عز وجل ، اتقِ الله يا رجل هذا شديد جداً ، فقال الصديق : تخوفونني بالله ؟ والله لو أن الله سألني يوم القيامة لقلت : يا رب وليت عليهم أرحمهم ، هذا علمي به ، فإن بدل وغير فلا علم لي بالغيب .
أحياناً إنسان يسألك على شخص ، والله أحسبه صالحاً ، لكني لست ضامناً ، هذا علمي به ، فقال سيدنا أبو بكر : فإن بدل وغير فلا علم لي بالغيب .
كن متأدباً في تقييم الأشخاص ، أحسبه صالحاً ولا أزكي على الله أحداً .
هذه التي قالت لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد كان في زيارة أحد أصحابه ، وقد توفاه الله هنيئاً لك أبا السائب لقد أكرمك الله ، النبي قال لها : ومن أدراكِ أن الله أكرمه ؟ قولي : أرجو الله أن يكرمه ، وأنا نبي مرسل لا أدري ما يفعل بي ولا بكم ، سماه العلماء التألي على الله أن تحكم على مصير إنسان ، من أنت ؟ .
الترضي على معنيين إما التقرير أو الدعاء :
أيها الأخوة ، قال له : " قطعتَ عُنق صاحبك - ثلاثا - ثم قال : مَنْ كان منكم مادحاً أخاه لا محالةَ ، فليقل : أَحْسِبُ فلاناً ، واللهُ حسيبه ، ولا يُزَكِّي على الله أحداً ، أَحْسِبُ كذا وكذا إن كان يعلم ذلك منه " [البخاري] .
أيها الأخوة ، نحن نقول رضي الله عنه ، الحقيقة هذا الترضي على معنيين إما على معنى التقرير ، أو على معنى الدعاء ، فإذا قلت عن صحابي جليل بشره الله بالجنة تقول رضي الله عنه ، يعني لقد رضي الله عنه ، فإذا رضي الله عنه ، كيف أنت لا ترضى ؟ من أنت ؟ إذا كان خالق السماوات والأرض في عليائه رضي عن كل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم الذين بايعوه تحت الشجرة ، من أنت حتى لا ترضى عنهم ؟ هذه رضية تقريرية ، أما إذا في عارف بالله ( عالم جليل ) إذا قلت رضي الله عنه هذه دعائية ، التقريرية شيء والدعائية شيء .
على الإنسان أن يكون قوياً ومتواضعاً في الوقت نفسه :
" جاء جبريل النبي صلى الله عليه وسلم : يا محمد أتحب أن تكون نبياً ملكاً أم نبياً عبداً ؟ قال : بل نبياً عبداً ، أجوع يوماً فأذكره ، وأشبع يوماً فأشكره " [ورد في الأثر] .
الحقيقة التحليل دقيق ، العبودية أقرب إليها أن تكون فقيراً أو ضعيفاً ، أقرب إليها يعني بالمئة قوي قد ينجو عشرة ، بالمئة ضعيف قد ينجو عشرون ، الإنسان الضعيف أقرب إلى الانكسار من القوي ، فإذا الإنسان يستطيع أن يكون قوياً ومتواضعاً وثابتاً ، يكون قوياً لأن القوي متاح له من الأعمال الصالحة ما لم يتح لغيره ، بجرة قلم يحق حقاً ، يبطل باطلاً ، يزيل منكراً ، يقرر معروفاً ، بتوقيع ، لأنه قوي ، والغني كذلك ، يحل مشكلات لا تعد ولا تحصى ، يزوج شباباً ، ينشئ معاهداً ، ينشئ مستشفيات ، فرص الأعمال الصالحة أمام الغني واسعة جداً ، وفرص الأعمال الصالحة أمام القوي واسعة جداً ، لكن مع القوة أحياناً هناك مزلق شعور بالقوة ، شعور بالاعتدال ، إذا شخص اقترب شعرة تسحقه ، لأنك قوي ، فيوجد مع القوة مزلق ، ومع الغنى مزلق ، إذا كان واثقاً من نفسه يكون قوياً ، مالاً أو سلطة ، وإذا كان ليس واثقاً من نفسه فهو أقرب إلى العبودية من القوة .
" يا محمد أتحب أن تكون نبياً ملكاً أم نبياً عبداً ؟قال: بل نبياً عبداً ،أجوع يوماً فأذكره ،وأشبع يوماً فأشكره " وهو في أعلى مرتبة في الأرض .
أعلى مقام يصل إليه الإنسان أن يكون عبد الله وعبد الله حرّ :
" فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى " [النجم:10]
أعلى مقام تصل إليه أن تكون عبد الله، وعبد الله حر ، أعلى مقام تصل إليه وهو في سدرة المنتهى " فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى "سبحان الله ! العبودية لله عز ، العبودية لله فخر ، تجد الأقوياء الذي يستنكفون عن عبادة الله ، هم أمام من أقوى منهم منبطحون ، خاضع ذليل لإنسان ، فأنا أقول دائماً : إن لم تكن عبداً لله فأنت عبد لعبد لئيم ، كن عبد الله فإن عبد الله حر .
العمل الصالح له مكافأة عند الله عز وجل ولو كان صغيراً :
الله سبحانه وتعالى يحب إجابة الدعوات ، تفريج الكربات ، إغاثة اللهفات مغفرة الذلات ، تكفير السيئات ، دفع البليات ، المؤمن مع المؤمن متذلل ، لكن مع غير المؤمن عزيز ، مع ربه يمرغ جبهته في أعتابه ، لكن مع غير المؤمن عنده عزة ، ولو وزعت على أهل بلد لكفتهم .
" اطلبوا الحوائج بعزة الأنفس فإن الأمور تجري بالمقادير " [ابن عساكر عن عبد الله بن بسر بسند ضعيف] ولا ينبغي للمؤمن أن يذل نفسه .
اجعل لربك كل عزك يستقر ويثبتأيها الأخوة ، قال عليه الصلاة والسلام : " حُوسِبَ رَجُلٌ مِمَّن كان قبلكم ، فلم يوجد له من الخير شيءٌ ، إلا أنه كان يُخالِطُ الناسَ ، وكان موسِراً ، فكان يأمُرُ غِلْمَانَه أن يتجاوزا عن المُعْسِرِ ، قال : قال الله عز وجل : نحن أحق بذلك منه ، تجاوزوا عنه " [البخاري ومسلم] يعني أي عمل صالح عند الله له مكافأة .والحمد لله رب العالمين