المنان
الدليل:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كنتُ مع رسول اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلم جالساً، ورجلٌ قائمٌ يصلِّي، فلمَّا ركع وسجد وتشهَّد، دعا، فقال في دعائهِ: اللهمَّ إني أسالُك بأنَّ لك الحمد، لا إله إلَّا أنتَ، وحدَك لا شريكَ لك، المنَّانُ، يا بديعَ السماواتِ والأرضِ، يا ذا الجلالِ والإكرامِ، يا حيُّ يا قيوم، إني أسالكَ الجنةَ، وأعوذُ بك من النارِ، فقال النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلم لأصحابهِ: (تدرونَ بما دعا؟ قالوا: اللهُ ورسولُه أعلم، قال: والذي نفسي بيدهِ، لقد دعا الله باسمهِ العظيمِ، وفي روايةٍ: الأعظمِ، الذي إذا دُعِيَ به أجاب، وإذا سُئِلَ به أعطَى) أخرجه أبو داود والنسائي وابن ماجه وغيرهم، وصححه ابن حبان والحاكم والذهبي والألباني.
المعنى:
المنَّان من المن، وهو في اللغة العطاء، والمنّ كذلك تعداد الفضل والإحسان، يقال: يَمُنُّ بما أَعطى، أي: يَعْتَدُّ به اعْتِداداً.
فالله تعالى المنّان، أي: المتفضل بعطاياه على عباده، والمنّان على عباده بإحسانِه وإنعامِه ورَزْقِه إياهم.
فيكون معنى المن من الله تعالى هو العطاء، وكذلك معناه التفاخر بالعطاء والتعداد به على العباد، وكلا المعنيين صحيح في حق الله تعالى.
ويمكن وصف الإنسان بالمن، لكنه يُمدح بأحد المعنيين دون الآخر، فيُمدَح بالمن، أي: بالعطاء والبذل، ويُذم بالمنِّ بالمعنى الآخر، وهو التذكير بالعطاء والتعداد به وتكراره، لأن هذا المنَّ من المخلوق يصحبه استعلاءً على مخلوقٍ مثله، وفيه إيذاءٌ له أيضاً، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ ﴾ [البقرة: ٢٦٤].
مقتضى اسم الله المنّان وأثره:
اسم الله المنّان يذكّر العبد بنعم الله وآلائه عليه، فيشكره ويحمده ويثني عليه، فمهما استحضر العباد نعم المولى سبحانه عليهم فلن يستطيعوا إحصاءها وتعدادها، قال تعالى: ﴿ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا ﴾ [النحل: ١٨]، فهو المنّان سبحانه على عباده، ولا منّة لأحدٍ منهم عليه، تعالى الله علواً كبيراً.
واسم الله المنّان يحمل العبد على البذل والعطاء، من غير أن يفاخر بعطائه على الناس، ويعدّد إحسانه عليهم، فإن ذلك حق لله تعالى، وأما في حق العباد فهي خَصْلةٌ مذمومةٌ نهى الله عنها في كتابه، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ ﴾ [البقرة: ٢٦٤].