آداب استماع القرآن


صالخ أحمد الشامي

قال الله تعالى: 

{وَإِذَا قُرِئَ ٱلْقُرْءَانُ فَٱسْتَمِعُوا لَهُۥ وَأَنصِتُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} [الأعراف: 204]

إن الآية الكريمة توجه إلى السلوك الذي ينبغي على مستمع القرآن أن يفعله، وهو "الاستماع والإنصات" وعدم الكلام واللغو… فإذا فعل ذلك كان محلاً للرحمة من الله تعالى.

وقد ذهب بعض المفسرين إلى أن هذا الإنصات المطلوب وهو في الصلاة إذا قرأ الإمام في الصلاة الجهرية.

وليس في النص ولا أسباب النزول ما يخصص الآية بالصلاة، بل هي عامة، والعبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، وقد جاء في السنة ما يؤيد هذا العموم.

وهل يتصور إذا كان الناس في لغو وكلام وهرج ومرج أثناء قراءة قارئ القرآن الكريم أن يكونوا محلاً لقوله تعالى 

{لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}

إنه ليس من الأدب إذا كنت في مجلس وأحدهم يتكلم أن تنصرف عن الاستماع له فكيف إذا كان كلام الله تعالى هو المتلو؟!

وقد استمع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عبدالله بن مسعود.

ففي الحديث المتفق عليه، عن عبدالله بن مسعود قَالَ قاَلَ رَسُول الله صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: 

اقْرَأْ عَلَيَّ قُلْتُ آقْرَأُ عَلَيْكَ وَعَلَيْكَ أُنْزِلَ قَالَ فَإِنِّي أُحِبُّ أَنْ أَسْمَعَهُ مِنْ غَيْرِي فَقَرَأْتُ عَلَيْهِ سُورَةَ النِّسَاءِ حَتَّى بَلَغْتُ 

{فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا} [النساء: 41]. 

قال لي (حسبك الآن) فالتفت إليه فإذا عيناه تذرفان.

وفي صحيح مسلم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لأبي موسى الأشعري: 

لَقَدْ أُوتِيتَ مِزْمَارًا مِنْ مَزَامِيرِ آلِ دَاوُدَ

وفي السنن الكبرى للبيهقي: عن أبي سلمة قال: كان عمر رضي الله عنه إذا جلس عند أبي موسى قال: ذكر يا أبا موسى، فيقرأ.

وإذا كانت الغاية من القراءة هي التدبر والفهم ثم العمل، فإن هذا يحصل من الاستماع بل ربما وفي بعض الأحيان قد يكون المستمع أكثر تدبراً من القارئ.

وفي المسند: عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: 

مَنْ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ تَعَالَى كُتِبَ لَهُ حَسَنَةٌ مُضَاعَفَةٌ وَمَنْ تَلَاهَا كَانَتْ لَهُ نُورًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ

وفي سنن الدارمي عن ابن عباس قال: 

مَنْ اسْتَمَعَ إِلَى آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ كَانَتْ لَهُ نُورًا

إن الاستماع إلى كلام الله تعالى هو قرين القراءة والله أعلم.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ آداب استماع القرآن

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day