الخير المنطوي ضمن موجة الشبهات الفكرية المعاصرة


أحمد يوسف السيد

لا أحب أن أكون متشائما مهما كان الواقع مليئا بالتحديات، والله سبحانه لا يخلق شرا محضا، وحين نتلمس جوانب هذه الموجة ونكشف خباياها نتفاءل بخير ممكن أن يحصل بسببها ! ولكن حصول هذا الخير مشروط بأمر مهم سأذكرها بعد بيان وجوه هذا الخير:

أولا: قد تؤدي هذه الموجة الى ردة فعل عكسية عند كثير ممن تأثر بها أو من يشعر بخطورتها، وردة الفعل هذه هي (اعادة أخذ الإسلام بيقين لا بتقليد)، وفي الحقيقة فإنه لا شيء أنفع للإسلام من أن يكون أهله على يقين تام بصحته وعلى تذوق مستمر لحلاوته. وربما يكون في طريق هذه النتيجة الجميلة مرحلة فتنة يسقط فيها أقوام، وينهض آخرون.

واذا استظهرنا حالة إيمان الصحابة رضي الله عنهم فإنهم قبل إسلامهم كانوا قد ذاقوا مرارة الشرك والكفر والحيرة والغفلة وكانوا في جاهلية، ثم أذن الله بهدايتهم حين أشرق نور الإسلام ببعثة محمد صلى الله عليه وسلم، فطلبوا حقيقة الدعوة فوجدوا أنها نبوة صادقة، وصراط مستقيم، ونور مبين، فتمسكوا به أشد التمسك، وثبتوا عليه أعظم الثبات مع شدة الأذى، ثم أوصلوا للبشرية هذا النور، وصبروا على الشدائد، وتجاوزوا الصعاب، وكان ذلك كله من ثمرات أخذهم الإسلام بيقين لا بتقليد.

ثانيا: بث روح البحث والحوار والمناظرة.

ثالثا: استنهاض الهمم الميتة.

ان كثيرا من حملة العلم الشرعي لم يحققوا الآمال المرجوة منهم في مجال بث العلم، والدفاع عن الإسلام، والدعوة اليه، غير أن مما يرجى تحققه فيهم حين يرون رياح الشك تعصف من حولهم أن تنبعث فيهم جذوة الغيرة على الإسلام، فاستنهض منهم العزائم والهمم، وهذا الأمر – وحده – لو تحقق فإنه خير كبير.

رابعا: مراجعة الدعاة أنفسهم من جهة أساليبهم في تبليغ الدعوة.

وسيأتي – بإذن الله – شيء من التفصيل في ذلك عند الحديث عن: سمات الخطاب الدعوي المؤثر في الساحة الفكرية المعاصرة.

وما مضى ذكره من جوانب الخير المنطوي ضمن الموجة التشكيكية المعاصرة مشروط بالاجتهاد من حاملي العلم والايمان في نشر براهين الحق بأفضل طريقه، وأما إن أعرضوا عن هذا التحدي، أو هونوا من شأنه ولم يقوموا بما تستحقه هذه الموجة من معالجة واعية متميزة، فأخشى أن نستيقظ جميعا على كارثة تبقى آثارها السيئة زمنا طويلا.


السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الخير المنطوي ضمن موجة الشبهات الفكرية المعاصرة

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day