التعريف باسم الله (الحكيم)
(الحكيم): من حكمة اللجام وهي الحديدة التي تمنع الفرس وترده إلى مقصد الراكب. [اشتقاق أسماء الله الحسنى للزجاجي ص 61].
(الحكيم): في حق الله تعالى على ثلاثة أضرب:
حكيم على وزن (فعيل) مبالغة في الوصف بالعلم والحكمة، فتكون من صفات الذات.
حكيم بمعنى مٌحكِم للأفعال على وزن (فعيل) بمعنى (مُفعِل)، فتكون من صفات الأفعال.
حكيم بمعنى مُحكَم من الإحكام والإتقان وحسن التدبير في إنشاء كل شيء على وزن (فعيل) بمعنى (مُفعَل). [الأسنى في شرح أسماء الله الحسنى وصفاته للقرطبي ص 305]
وقال الماوردي: {الحكيم}: فيه ثلاثة أقاويل:
أحدها: أنه المُحْكِمُ لأفعاله.
والثاني: أنه المانع من الفساد , ومنه سميت حَكَمَةُ اللجام , لأنها تمنع الفرس من الجري الشديد.
والثالث: أنه المُصِيبُ للحقِّ , ومنه سمي القاضي حاكماً , لأنه يصيب الحق في قضائه , وهذا قول أبي العباس المبرد.. [تفسير الماوردي - النكت والعيون1/101].
والحكمة: وضع الأشياء مواضعها، وتنزيلها منازلها.
وحكمته تعالى نوعان:
أحدهما: الحكمة في خلقه فإنه خلق الخلق بالحق، ومشتملاً على الحق، وكان غايته والمقصود به الحق، خلق المخلوقات كلها بأحسن نظام، ورتبها أكمل ترتيب، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به بل أعطى كل جزء من أجزاء المخلوقات، وكل عضو من أعضاء الحيوانات خلقته، وهيئته، فلا يرى أحد في خلقه خللاً، ولا نقصاً، ولا فطوراً، فلو اجتمعت عقول الخلق من أولهم إلى آخرهم ليقترحوا مثل خلق الرحمن أو ما يقارب ما أودعه في الكائنات من الحسن، والانتظام، والإتقان لم يقدروا، وأنى لهم القدرة على شيء من ذلك وحسب العقلاء الحكماء منهم أن يعرفوا كثيراً من حكمه، ويطلعوا على بعض ما فيها من الحسن، والإتقان.
وهذا أمر معلوم قطعاً بما يعلم من عظمته، وكمال صفاته، وتتبع حكمه في الخلق، والأمر.
وقد تحدى عباده، وأمرهم أن ينظروا، ويكرروا النظر، والتأمل هل يجدون في خلقه خللاً أو نقصاً، وأنه لابد أن ترجع الأبصار كليلة عاجزة عن الانتقاد على شيء من مخلوقاته.
النوع الثاني: الحكمة في شرعه وأمره، فإنه تعالى شرع الشرائع، وأنزل الكتب وأرسل الرسل ليعرفه العباد، ويعبدوه، فأي حكمة أجل من هذا، وأي فضل، وكرم أعظم من هذا، فإن معرفته تعالى، وعبادته وحده لا شريك له، واخلاص العمل له وحده، وشكره، والثناء عليه أفضل العطايا منه لعباده على الإطلاق.
وأجل الفضائل لمن منَّ الله عليه بها، وأكمل سعادة، وسروراً للقلوب، والأرواح، كما أنها هي السبب الوحيد للوصول إلى السعادة الأبدية، والنعيم الدائم.
فلو لم يكن في أمره، وشرعه إلا هذه الحكمة العظيمة التي هي أصل الخيرات، وأكمل اللذات، ولأجلها خلقت الخليقة، وحق الجزاء، وخلقت الجنة، والنار، لكانت كافية شافية.
[تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي 1/186- 187].