إنه الرحمن. .
أحق من ذكر، وأحق من عبد، وأولى من شكر على إحسانه ورحمته.
فأينما تول وجهك تر رحمة الله في هذا الكون، وأعظمها في هذا الكون: الوحي المنزل:
{وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَٰبَ تِبْيَٰنًا لِّكُلِّ شَىْءٍۢ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَىٰ لِلْمُسْلِمِينَ}
[النحل: 89].
إذا أجديت الأرض، ومات الزرع، وجف الضرع، واشتد البلاء؛ نزلت الرحمات:
{وَهُوَ ٱلَّذِى يُنَزِّلُ ٱلْغَيْثَ مِنۢ بَعْدِ مَا قَنَطُوا وَيَنشُرُ رَحْمَتَهُۥ ۚ وَهُوَ ٱلْوَلِىُّ ٱلْحَمِيدُ}
[الشورى: 28].
عندما حل العذاب، وبكى الرجال، وصاحت النساء، وفزعت الأطفال، وعم الرعب، وعظم الفزع؛ نزلت الرحمات على عباده المخلصين؛
{وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍۢ مِّنَّا}
[هود: 58]
{وَلَمَّا جَآءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَٱلَّذِينَ ءَامَنُوا مَعَهُۥ بِرَحْمَةٍۢ مِّنَّا}
[هود: 94].
لا عبور لأي رغبة إلا من طريق الرحمن، ولا وجود لأي حاجة إلا في ساحة الرحمن، لا إمكانية لحدوث شيء إلا بالرحمن؛ فإنه وحده الرحمن الذي لا حول في الوجود ولا قوة إلا به سبحانه وتعالى.
فبرحمته أرسل إلينا رسله.
وبرحمته أنزل علينا كتبه.
وبرحمته هدانا من الضلالة.
وبرحمته أرشدنا من العمى.
وبرحمته علمنا ما لم نكن نعلم.
وبرحمته سخر الشمس والقمر، وجعل الليل والنهار، وبسط الأرض.
وبرحمته خلقت الجنة، وعمرت بأهلها، وطاب عيشهم. ومن رحمته: أنه خلق مئه رحمة كل رحمة منها طباق ما بين السماء والأرض؛ فأنزل منها إلى الأرض رحمة واحدة، نشرها بين الخليقة ليتراحموا بها، بها تعطف الوالدة على ولدها، وبهذه الرحمة قوام العالم ونظامه.