أحق من عبد. .
فالله هو: الحي القيوم عز وجل، رب العالمين، وأرحم الراحمين، وأقدر القادرين، وأحكم الحاكمين، الذي له الخلق والأمر، وبيده النفع والضر.
المعروف بالفطرة. . الذي أقرت به العقول، ودلت عليه كل الموجودات، المشهود وجوده وقيوميته بكل حركة وسكون. . الذي يجيب المضطر إذا دعاه، ويغيث الملهوف إذا ناداه، ويكشف السوء، ويفرج الكرب، ويقيل العثرات.
المستعان به على كل نائبة وفادحة، والمعهود منه كل بر وكرامة.
الذي عنت له الوجوه، وخشعت له الأصوات:
{۞ وَعَنَتِ ٱلْوُجُوهُ لِلْحَىِّ ٱلْقَيُّومِ}
[طه: 111].
وأحق من ذكر، وأحق من عبد، وأحق من حمد، وأولى من شكر، وأنصر من ابتغي، وأرأف ملك، وأجود من سئل، وأعفى من قدر، وأكرم من قصد، وأعدل من انتقم.
وحلمه بعد علمه، عفوه بعد قدرته، مغفرته عن عزته، ومنعه من حكمته.
فهو الله الحي القيوم لا شريك له، والفرد الذي لا ند له:
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ ۚ}
[البقرة: 255].
أوضح دلالته للمتفكرين، وأبدى شواهده للناظرين، وبين آياته للعالمين، وقطع أعذار المعاندين، وأدحض حجج الجاحدين، فاستنارت آيات الربوبية، وسطعت دلائل الألوهية.
فالله عز وجل هو المقيم لمخلوقاته، لا يحتاج إليهم، وهم جميعاً إليه مجتاجون، الكل محتاج إليه: الملائكة المقربون، وحملة العرش، وأهل السماوات والأرض،
{۞ يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ}
[فاطر: 15]
العزة له، والجبروت له، والعظمة له، والكبرياء له، والسلطان له، والملك له، والحكم له، والقوة له، والتسبيح له، والتقديس له. . كمل في أوصافه وأفعاله،
{ٱللَّهُ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْحَىُّ ٱلْقَيُّومُ ۚ لَا تَأْخُذُهُۥ سِنَةٌ وَلَا نَوْمٌ ۚ لَّهُۥ مَا فِى ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَمَا فِى ٱلْأَرْضِ ۗ}
[البقرة: 255]
فالله سبحانه وتعالى لا ينام، ولا ينبغي له أن ينام، صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
"إِنَّ اللَّهَ لَا يَنَامُ وَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَنَامَ يَخْفِضُ الْقِسْطَ وَيَرْفَعُهُ يُرْفَعُ إِلَيْهِ عَمَلُ اللَّيْلِ قَبْلَ عَمَلِ النَّهَارِ وَعَمَلُ النَّهَارِ قَبْلَ عَمَلِ اللَّيْلِ حِجَابُهُ النُّورُ لَوْ كَشَفَهُ لَأَحْرَقَتْ سُبُحَاتُ وَجْهِهِ مَا انْتَهَى إِلَيْهِ بَصَرُهُ مِنْ خَلْقِهِ"
[أخرجه مسلم]
فسبحان من أشرقت لنوره السماوات والأرض، وأنارت بوجهه الظلمات! فسبحان الحي القيوم!