يا من لا يزول ملكه!
قال أهل السير: "لما بنى هارون الرشيد قصره، ولم ير مثله قط في الجمال في زمانه! دخل الناس يهنئونه، ودخل معهم أبو العتاهية؛ فقام وأنشد:
عش ما بــدا لك سالمـاً في ظل شاهقة القصـور
يسعى إليك بما اشتهيت لدى الرواح وفي البكـور
يجري عليك بمـا أردت مــع الغـــدو مع البكـــور
فـإذا النفـوس تقعقعــت في ظل حشرجة الصدور
فهنــاك تعلــم مــوقنــاً مـا كنــت إلا فـي غـرور
فبكى هارون حتى وقع على الأرض، ولم يمض عليه شهر واحد حتى أصبح في عداد الموتى".
وعبد الملك بن مروان – حاكم العالم الإسلامي – لما أتته سكرات الموتى؛ سمع غسالاً حول قصره يغني في سعادة وهناء! فقال عبد الملك: يا ليتني ما عرفت الملك والخلافة! ثم مات.
وآخر يقول: يا من لا يزول ملكه؛ ارحم من زال ملكه، ولما سمع سعيد ابن المسيب هذه الكلمات رد عليه قائلاً: "الحمد لله الذي جعلهم يفرون إلينا في سكرات الموت، ولا نفر إليهم".