الشبَهات حول أسماء الله (الخالق - الخلاق)


فريق عمل الموقع

الشبهة الأولى:

قال المستشرقون أن هناك تعارضًا بين قوله تعالى {لا يخلقون شيئًا} وقوله تعالى {أحسن الخالقين} في قوله تعالى:

"وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ آلِهَةً لَا يَخْلُقُونَ شَيْئًا وَهُمْ يُخْلَقُونَ وَلَا يَمْلِكُونَ لِأَنْفُسِهِمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَلَا يَمْلِكُونَ مَوْتًا وَلَا حَيَاةً وَلَا نُشُورًا"  [الفرقان: 3] 

وقوله تعالى: {فَتَبَارَكَ ٱللَّهُ أَحْسَنُ ٱلْخَالِقِينَ } [المؤمنون: 14]

فأثبت أن معه آخرين لهم صفة الخَلْق، بدليل أنه جمعهم معه، وهو سبحانه أحسنهم.

وفي موضع آخر يقول سبحانه:

{ وَرَسُولاً إِلَىٰ بَنِيۤ إِسْرَائِيلَ أَنِّي قَدْ جِئْتُكُمْ بِآيَةٍ مِّن رَّبِّكُمْ أَنِيۤ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [آل عمران: 49]

الرد عليها:

وللردِّ على هؤلاء يقول الشيخ محمد متولي الشعراوي: تعالوْا أولاً نفهم معنى الخَلْق، الخَلْق: إيجاد لمعدوم، كما مثّلْنا بصناعة كوب الزجاج من صَهْر بعض المواد، فالكوب كان معدوماً وهو أوجده، لكن من شيء موجود، كما أن الكوب يجمد على حالته، لكن الحق سبحانه وتعالى يُوجِد من معدوم: معدوماً من معدوم، ويُوجده على هيئة فيها حياة ونمو وتكاثر من ذاته، كما قال سبحانه:

{ وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ } [الذاريات: 49]

والذين يصنعون الآن الورد الصناعي، ويحاولون جاهدين مُضَاهاة الورد الطبيعي الذي خلقه، فيضعون عليه رائحة الورد ليتوفر لها الشكل والرائحة، ثم ترى الوردة الصناعية زاهية لا تذبُل، لكن العظمة في الوردة الطبيعية أنها تذبل؛ لأن ذُبولها يدلُّ على أن بها حياة.

لذلك سمَّى اللهُ الإنسانَ خالقاً، فأنصفه واحترم إيجاده للمعدوم، لكنه سبحانه أحسنُ الخالقين، ووَجْه الحُسْن أن الله تعالى خلق من لا شيء، وأنت خلقتَ من موجود، الله خلق خَلْقاً فيه حياة ونمو وتكاثر، وأنت خلقتَ شيئاً جامداً على حالته الأولى، ومع ذلك أنصفك ربك.

ففي قوله تعالى:

{ أَخْلُقُ لَكُمْ مِّنَ ٱلطِّينِ كَهَيْئَةِ ٱلطَّيْرِ } [آل عمران: 49]

معلوم أنه في مقدور كل إنسان أنْ يُصوِّر من الطين طَيْراً؟ ويُصمِّمه على شكله، لكن أَيُقال له: إنه خلق بهذا التصوير طَيْراً؟ وهل العظمة في تصويره على هيئة الطير؟ العظمة في أنْ تبعثَ فيه الحياة، وهذه لا تكون إلا من عند الله؛ لذلك قال عيسى عليه السلام:

{ فَأَنفُخُ فِيهِ فَيَكُونُ طَيْراً بِإِذْنِ ٱللَّهِ } [آل عمران: 49]

لذلك يقول تعالى عن آلهتهم:

{ إِنَّ ٱلَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ لَن يَخْلُقُواْ ذُبَاباً وَلَوِ ٱجْتَمَعُواْ لَهُ وَإِن يَسْلُبْهُمُ ٱلذُّبَابُ شَيْئاً لاَّ يَسْتَنقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ ٱلطَّالِبُ وَٱلْمَطْلُوبُ } [الحج: 73]

الشبهة الثانية:

يقول القائل: لماذا خلق الله المعاقين؟

الرد عليها:

وللرد على هذه الشبهة يقول د/ ذاكر نايك: هذا السؤال حير فلاسفة الهندوسية فأوجدوا فلسفة تعرف بسامسكارا (دورة الولادة وإعادة الولادة بعد الموت) وفي القرآن موجود الحياة بعد الموت، ولكن في اعتقاد فلاسفة الهندوسية أن هؤلاء المعاقين قد فعلوا في الحياة السابقة لهم أفعال شريرة فكان عقابهم الولادة من جديد في هذه الحياة معاقين أو على هيئة حيوان، وهذا لم يذكر في كتابهم الفيداس بل ذكر فقط الحياة بعد الموت وهو مذكور عند المسلمين والمسيحيين، وليست حياة ثم موت ثم حياة ثم موت وهكذا باعتبارها دورة.

فهل مثلا الجريمة في يومنا هذا تتزايد أم تتناقص، وكذلك تعداد السكان يتزايد أم يتناقص، فالإجابة أنه يتزايد، فإذا كان ما يقولون حقًا فإنه سيؤدي إلى تناقص الجريمة وتناقص تعداد البشر

فلماذا خلق الله المعاقين والمرضى والفقراء إذن؟

قال تعالى: {الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلًا وَهُوَ الْعَزِيزُ الْغَفُورُ} [الملك: 2]

فهذه الحياة هي اختبار للآخرة، ووفقًا للامتحان ستتم محاسبتك، والله عز وجل يحاسب أشخاصًا مختلفين بطرق مختلفة، فكما تتغير أسئلة الامتحانات في كل سنة ولا تتكرر وإلا فلا يكون هناك امتحانًا حقًا إذا تكررت، لذا بشكل مشابه الله تعالى يختبر أناسًا مختلفين بطرق مختلفة فبعض الناس يعطى المال فيجب عليه الزكاة بجزء منها بينما الفقير قد حصل على درجة أداء الزكاة كاملة إذ ليس لدية المال أصلا، فالاختبار هنا للغني.

أما الطفل الذي يولد معاق فما ذنبه؟

نحن نؤمن أن كل طفل يولد معصوم لا ذنب له سابق كما يقول الهندوس ولكنه ربما يكون امتحان للآباء هل ما زلتم مؤمنين بالله؟ وربما يكون امتحان للشخص نفسه هل ما زال يؤمن بالخالق؟

وكلما صعب الامتحان زاد الأجر والثواب كما في درجة الدكتوراه يكون امتحانها أصعب، فكلما صعب الامتحان كانت جائزته أفضل.

كما إنه من أصول الدين الإيمان بحكمة الرب سبحانه وتعالى في خلقه وأمره ، وفي قدره وشرعه ، بمعنى أنه لا يخلق شيئا عبثا ، ولا يشرع ما لا مصلحة فيه للعباد ، فكل ما في الوجود فهو بقدرته ومشيئته ، قال تعالى : ( الله خالق كل شيء ) . وقد اقتضت حكمته البالغة خلق الأضداد ، فخلق الملائكة والشياطين ، والليل والنهار ، والطيب والخبيث ، والحسن والقبيح ، وخلق الخير والشر ، وفاضل وفاوت بين العباد في أبدانهم وفي عقولهم ،  وفي قواهم ، فجعل منهم الغني والفقير ، والسليم والسقيم ، والعاقل وغير العاقل . ومن حكمة الله في خلقه أن يبتليهم ويبتلي بعضهم ببعض ، ليتبين من يشكره ومن يكفره ، قال تعالى :

( إنا خلقنا الإنسان من نطفة أمشاج نبتليه فجعلناه سميعا بصيرا ... إلى قوله تعالى  إنا هديناه السبيل إما شاكرا وإما كفورا )

وقال تعالى : ( الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملا ) 

فالمؤمن المعافى إذا شاهد المعوقين عرف نعمة الله عليه فشكره على إنعامه ، وسأله العافية ، وعلم أن الله على كل شيء قدير .

الشبهة الثالثة:

يقول القائل: الله خلق كل شيء فمن خلق الله؟

الرد عليها:

1. هذا السؤال: باطل من أصله ، متناقض في نفسه !

ذلك لو أننا فرضنا - جدلا - أن هناك خالقاً لله تعالى ! فسيقول السائل : من خلق خالق الخالق ؟؟! ثم من خلق خالق خالق الخالق ؟؟! وهكذا يتسلسل إلى ما لا نهاية .

وهذا محال في العقول .

أما أن المخلوقات تنتهي إلى خالقٍ خلق كل شيء ، ولم يخلقه أحد ، بل هو الخالق لما سواه : فإن هذا هو الموافق للعقل والمنطق ، وهو الله سبحانه وتعالى .

2. أما من حيث الشرع والدين عندنا : فإن النبي صلى الله عليه وسلم ، قد أخبرنا عن هذا السؤال ، من أين مصدره ، وما هو علاجه والرد عليه :

=   عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " لا يزال الناس يتساءلون حتى يقال هذا خلق اللهُ الخلقَ ، فمن خلق الله ؟ فمن وجد من ذلك شيئا فليقل آمنت بالله " .

= وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول من خلق السماء ؟ من خلق الأرض ؟ فيقول : الله ، - ثم ذكر بمثله - وزاد : " ورسله " .

= وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأتي الشيطانُ أحدَكم فيقول من خلق كذا وكذا ؟ حتى يقول له من خلق ربَّك ؟ فإذا بلغ ذلك فليستعذ بالله ولينته " .

= وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " يأتي العبد الشيطان فيقول من خلق كذا وكذا ؟ ..".

رواها جميعاً الإمام مسلم ( 134 ) .

ففي هذه الأحاديث :

بيان مصدر هذا السؤال ، وهو : الشيطان .

وبيان علاجه ورده ، وهو :

1. أن ينتهي عن الانسياق وراء الخطرات وتلبيس الشيطان .

2. وأن يقول " آمنتُ بالله ورسله " .

3. وأن يستعيذ بالله من الشيطان .

وورد أيضا التفل عن الشِّمال ثلاثا وقراءة سورة قل هو الله أحد ( انظر كتاب "شكاوى وحلول " في زاوية الكتب من هذا الموقع )

3. أما عن وجود الله أولاً ، فعندنا في ذلك أخبار من نبينا صلى الله عليه وسلم ، ومنها :

1. قوله صلى الله عليه وسلم : " اللهم أنت الأول فليس قبلك شيء ، وأنت الآخر فليس بعدك شيء " . رواه مسلم ( 2713 ) .

2. قوله صلى الله عليه وسلم :

" كان الله ولم يكن شيء غيره " ، وفي رواية " ولم يكن شيء قبله " 

رواهما البخاري ، الأولى ( 3020 ) ، والثانية ( 6982 ) . بالإضافة لما في الكتاب العزيز من الآيات ، فالمؤمن يُؤمن ولا يشكّ والكافر يجحد والمنافق يشكّ ويرتاب ، نسأل الله أن يرزقنا إيمانا صادقا ويقينا لاشكّ فيه والله الموفق .

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ الشبَهات حول أسماء الله (الخالق - الخلاق)

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day