للباحثين عن العزة. .
فمن اعتز بغير الله عز وجل فقد اعتز بسلطان زائل، وقوة فانية.
ومن الذي يقوم في وجه الله ويصارعه ويغالبه؟! وقد اعتز قوم فرعون بفرعون:
{فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ ٱلْغَٰلِبُونَ}
[الشعراء: 44]
فماذا كانت النتيجة؟
{فَأَلْقَىٰ مُوسَىٰ عَصَاهُ فَإِذَا هِىَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ}
[الشعراء: 45]
يبحث كثير من الناس عن العزة عند الكافرين وعند أعداء الدين وهؤلاء لم يقدروا الله عز وجل حق قدره، ولم يعرفوه حق معرفته! وإلا لهان في نفوسهم هؤلاء الذين يوالونهم؛ فإنهم مهما بلغت قوتهم، وكثر أتباعهم ليسوا بشيء بجانب عزة الله جل وعلا وقوته وجبروته وقهره.
والله عز وجل أخبرهم أن العزة التي يبحثون عنها والمتعة لن يجدوها عند غيره، بل صار حالهم حال المنافقين؛ خالف ظاهرهم باطنهم،
{بَشِّرِ ٱلْمُنَٰفِقِينَ بِأَنَّ لَهُمْ عَذَابًا أَلِيمًا ٱلَّذِينَ يَتَّخِذُونَ ٱلْكَٰفِرِينَ أَوْلِيَآءَ مِن دُونِ ٱلْمُؤْمِنِينَ أَيَبْتَغُونَ عِندَهُمُ ٱلْعِزَّةَ فَإِنَّ ٱلْعِزَّةَ لِلَّهِ جَمِيعًا}
[النساء: 138-139].
ومنهم من أغتر بنفسه وعشيرته، جاء في "مسند الإمام أحمد" عن أبي بن كعب رضي الله عنه قال:
"انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ؟! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: انْتَسَبَ رَجُلَانِ عَلَى عَهْدِ مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام فَقَالَ أَحَدُهُمَا أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ حَتَّى عَدَّ تِسْعَةً فَمَنْ أَنْتَ لَا أُمَّ لَكَ قَالَ أَنَا فُلَانُ بْنُ فُلَانٍ ابْنُ الْإِسْلَامِ. قَالَ فَأَوْحَى اللَّهُ إِلَى مُوسَى عَلَيْهِ السَّلَام أَنَّ هَذَيْنِ الْمُنْتَسِبَيْنِ أَمَّا أَنْتَ أَيُّهَا الْمُنْتَمِي أَوْ الْمُنْتَسِبُ إِلَى تِسْعَةٍ فِي النَّارِ فَأَنْتَ عَاشِرُهُمْ وَأَمَّا أَنْتَ يَا هَذَا الْمُنْتَسِبُ إِلَى اثْنَيْنِ فِي الْجَنَّةِ فَأَنْتَ ثَالِثُهُمَا فِي الْجَنَّةِ"
[حديث صحيح] .
وقد قيل: من اعتز بمنصبه فلينظر إلى فرعون ومن اعتز بماله فلينظر إلى قارون ومن اعتز بنسبه فلينظر إلى أبي لهب، إنما العزة بالتقوى.
وصدق من قال: "نحن قوم أعزنا الله بالإسلام، فمهما ابتغينا العزة في غيره أذلنا الله".
وأعظم سبب في ذل الأمة الإسلامية في هذا العصر هو: عدم اعتزازها بالله عز وجل حق الاعتزاز.