تناغم الكون:


عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

وجميع المخلوقات لم تخلق لهواً أو عبثاً أو لعباً – تنزه الله وتقدس عن ذلك! – قال سبحانه وتعالى:

{وَمَا خَلَقْنَا ٱلسَّمَآءَ وَٱلْأَرْضَ وَمَا بَيْنَهُمَا لَٰعِبِينَ لَوْ أَرَدْنَآ أَن نَّتَّخِذَ لَهْوًا لَّٱتَّخَذْنَٰهُ مِن لَّدُنَّآ إِن كُنَّا فَٰعِلِينَ بَلْ نَقْذِفُ بِٱلْحَقِّ عَلَى ٱلْبَٰطِلِ فَيَدْمَغُهُۥ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ ۚ وَلَكُمُ ٱلْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

[الأنبياء: 16-18]

فالموجودات بأسرها شواهد صفات الرب ونعوته سبحانه وتعالى، فهي كلها تشير إلى الأسماء الحسنى وحقائقها، وتناديها، وتدل عليها.

تأمـــل سطـور الكائنات فإنهـــا          من الملك الأعلى إليك رسائل

وقد خط فيها لو تأملت خطها              ألا كل شيء ما خلا الله باطل

تشيــر بإثبـات الصفات لربها             فصامتها يهـدي ومـن هــو قائل

قال سبحانه وتعالى:

{إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٍ}

[القمر: 49].

يقول الأطباء: "إن فتحة الحنجرة قد قدرت تقديراً دقيقاً جداً؛ حيث لو اتسعت قليلاً جداً أكثر مما هي عليه لاختفى صوت الإنسان، ولو ضافت قليلاً جداً أكثر مما هي عليه لأصبح التنفس عسيراً، فإما أن يكون التنفس مريحاً ويختفي الصوت، أو أن يكون الصوت واضحاً ويصعب التنفس.

{صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِىٓ أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ إِنَّهُۥ خَبِيرٌ بِمَا تَفْعَلُونَ}

[النمل: 88]

لو أن الرؤية زادت عن حدها الذي هي عليه لأصبحت حياتنا جحيماً!

إنك إذا نظرت إلى كأس الماء الذي تشربه الآن تراه صافياً عذباً فراتاً رائقاً، لو أن قوة البصر زادت قليلاً ودقت أكثر مما هي عليه لرأيت في هذا الكأس العجب العجاب! لرأيت الكائنات الحية، والجراثيم غير الضارة بعدد لا يحصى! إنك لا تشرب الماء عندها،

{إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٍ}

[القمر: 49]

ولو أن قوة السمع ارتفع مستواها قليلاً لما أمكنك أن تنام الليل؛ لأن الأصوات كلها تتلقفها، بل إن أصوات جهاز الهضم في معدتم وحده تكاد تكون كالمعمل الكبير،

{إِنَّا كُلَّ شَىْءٍ خَلَقْنَٰهُ بِقَدَرٍ}

[القمر: 49].

ولو أن حاس اللمس زادت لشعرت بالكهرباء الساكنة التي تحول حياتك جحيماً لا يطاق

{وَفِىٓ أَنفُسِكُمْ ۚ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}

[الذاريات: 21]

{هَٰذَا خَلْقُ ٱللَّهِ فَأَرُونِى مَاذَا خَلَقَ ٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦ ۚ}

[لقمان: 11].

وتعجب من بعض ذوي الفطر المنكوسة، والأنفس المريضة! يجادلون في الله مع أنه مغروس في ضمائرهم:

{وَجَحَدُوا بِهَا وَٱسْتَيْقَنَتْهَآ أَنفُسُهُمْ}

[النمل: 14]

{وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُ ۚ قُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ۚ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ }

[لقمان: 25].

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ تناغم الكون:

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day