أكمل الدلالات:
خلق الإنسان: آية للمتوسمين، وعبرة للمعتبرين، وعظة للمتعظين؛
{وَفِىٓ أَنفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ}
[الذاريات: 21]
وفي نفس الإنسان وخلقه: أعظم الدلائل على خالقه وفاطره.
وأقرب شيء إلى الإنسان: نفسه، وفيه من العجائب الدالة على عظمة الله عز وجل ما تنقضي الأعمار في الوقوف على بعضه، ولكن الإنسان معرض عن ذلك، ولو تأمل قليلاً لا نزجر عن كفره وجحوده،
{قُتِلَ ٱلْإِنسَٰنُ مَآ أَكْفَرَهُۥ ﴿١٧﴾ مِنْ أَىِّ شَىْءٍ خَلَقَهُۥ ﴿١٨﴾ مِن نُّطْفَةٍ خَلَقَهُۥ فَقَدَّرَهُۥ ﴿١٩﴾ ثُمَّ ٱلسَّبِيلَ يَسَّرَهُۥ ﴿٢٠﴾ ثُمَّ أَمَاتَهُۥ فَأَقْبَرَهُ}
[عبس: 17-22].
يعيش فوق الأرض ما يزيد على سبعة مليارات نسمة، كل واحد منهم تغاير صورته صورة غيره في الملامح والسمات والألوان والهيئات. . والأب واحد والأم واحدة: آدم وحواء، ولكنه صنع الله تبارك وتعالى:
{صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِىٓ أَتْقَنَ كُلَّ شَىْءٍ ۚ إِنَّهُۥ خَبِيرٌۢ بِمَا تَفْعَلُونَ}
[النمل: 88]
ألا يستوجب ذلك: الشكر؟! والعبد يرى نعم الله سبحانه وتعالى عليه منذ كان نطفة في بطن أمه، ثم صور سمعه وبصره ونفه فيه من الروح، ثم غذاخ وسقاه وكساه وآواه وكفاه، ومن كل ما سأل أعطاه:
{أَلَمْ نَجْعَل لَّهُۥ عَيْنَيْنِ وَلِسَانًا وَشَفَتَيْنِ وَهَدَيْنَٰهُ ٱلنَّجْدَيْنِ}
[البلد: 8-10]
ومن أعظم الشكر: استخدام نعم الله عز وجل في طاعته، وإبعادها عن معصيته وما يغضبه.
وأخيراً.
العاقل لا يسخر من صور الناس ولا من أشكالهم؛ لأنه يعلم بأن الله هو الذي خلقهم
{هُوَ ٱلَّذِى يُصَوِّرُكُمْ فِى ٱلْأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَآءُ ۚ لَآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلْحَكِيمُ}
[آل عمران: 6]
فالله هو: الخالق البارئ المصور؛ فليس لصاحب الشكل الذميم ذنب فيعير ويُلام، وليس لصاحب الشكل الجميل فضل أو يد فيشكر ويزان.
قال رجل حكيم: "يا قبيح الوجه! فقال: ما كان خلق وجهي إليَّ فأحسنه، فمن ذم صنعة، فقد ذم صانعها"، وفي الحديث: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
"كُلُّ خَلْقِ اللهِ عز وجل حَسَنٌ"
[السلسلة الصحيحة للألباني]
فإذا رأيت مبتليً؛ فاحمد الله أن يعافيه، وكما قيل: لا تسخر من أخيك، فيعافيه الله ويبتليك".
وكان عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فيقول: "البلاء موكل بالقول، لو سخرت من كلب لخشيت أن أكون كلباً".
وعن إبراهيم النخعي رحمه الله أنه قال: "إني لأرى الشيء مما يعاب، ما يمنعني أن أتكلم فيه إلا مخافة أن أبتلى بمثله".
اللهم يا خالق يا بارئ يا مصور! نسألك: أن تجعلنا من خيرة خلقك، وترحمنا يوم العرض عليك.