خطبة بعنوان: السلام المؤمن

بعد محاضرة عن أسماء الله الحسنى التي اقترنت ببعضها في كتاب الله، رافقني (أبو عبدالرحمن) إلى مركبتي من باب إكرام الضيف.

– هل يمكن أن نقرأ الأسماء الحسنى التي وردت في أواخر سورة الحشر، لأنها أسماء مقترنة؟!

– مازلت أقرأ وأبحث في هذه الأسماء، والذي وصلت إليه إلى الآن أن هذه الأسماء يمكن تدبرها مفردة ومقترنة، بمعنى (الملك القدوس)، و(السلام المؤمن)، و(المهيمن العزيز)، و(الجبار المتكبر)، والأسماء الثلاثة الأخرى تكون مجتمعة، (الخالق البارئ المصور)، ثم (العزيز الحكيم)،

وضعت ما أحمل من أوراق وكتب أهدوني إياها داخل المركبة، تابعنا حديثنا.

– لم قسمت الأسماء بهذه الطريقة؟!

– (الملك القدوس) مرتبطة كما ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم في ذكر صلاة الوتر.

(السلام المؤمن) متقاربة في المعنى وإن اختلفت.

(المهيمن العزيز) الأول يؤدي إلى الثاني.

(الخالق البارئ المصور) هي مراحل الخلق.

– ما معنى (السلام المؤمن)؟!

– (السلام) اسم من أسماء الله الحسنى، ومعناه: السالم من كل عيب ونقص، وهو الذي سلم أهل نعيمه من كل منغص، وفي الأحاديث: «اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام» مسلم.

     «كنا إذا صلينا مع النبي صلى الله عليه وسلم قلنا: السلام على الله قبل عباده، السلام على جبرائيل، السلام على ميكائيل، السلام على فلان وفلان» فلما انصرف الرسول صلى الله عليه وسلم – أي انتهى من صلاته – أقبل علينا بوجهه، فقال: «لا تقولوا السلام على الله فإن الله هو السلام» متفق عليه.

     وارتضى الله -عز وجل- أن تكون تحية أمة محمد صلى الله عليه وسلم مستقلة من هذا الاسم من أسمائه الحسنى (السلام عليكم)؛ وكذلك تحيته لأهل نعيمه في الجنة:

وتحية أهل الجنة فيما بينهم (تحيتهم يوم يلقونه سلام).

– وماذا عن (المؤمن)؟

– (المؤمن) اسم من أسماء الله الحسنى، بمعنى: «يصدق عباده جميعا»، و«يصدق عباده المؤمنين»، مثل قوله تعالى: {قل صدق الله}(آل عمران: 95)، وقوله تعالى: {ومن أصدق من الله حديثا}، ومن معاني (المؤمن) الذي (أمَّن) عباده من العذاب، والفزع، وأهوال القيامة، وأمنهم في دار السلام، فهو من الأسماء الحسنى الدالة على صفة ذات وصفة فعل كما في اسمه (السلام) سبحانه وتعالى.

وفي الحديث: «عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال لا إله إلا الله والله أكبر، صدقه ربه فقال: لا إله إلا أنا وأنا أكبر» الترمذي (صححه الألباني).

وعند مسلم من حديث عمر أنه قال: «وقلما تكلمت وأحمد الله بكلام، إلا رجوت أن يكون الله يصدق قولي الذي أقول».

وحضرني الآن حديث في باب السلام.

عن أبي أمامة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «إن أولى الناس بالله من بدأ السلام» رواه أحمد، والترمذي، وأبو داود (صححه الألباني).

– (السلام)، (المؤمن) تبعث الطمأنينة في قلب العبد بأن الله -عز وجل- يصدقه إذا هو صدق مع الله، ويسلمه من أهوال الآخرة، ابتداء من القبر، والحشر، والصراط حتى يدخله الجنة.

– نعم لمن استحق ذلك بعلم الله (السلام المؤمن) سبحانه.