خطبة بعنوان: السميع العليم


أ.د. أمير الحداد

ورد اسم (السميع) في كتاب الله عز وجل خمسا وأربعين مرة، اقترن بـ(العليم) اثنتين وثلاثين مرة؛ فهو أكثر اسم اقترن به، وكان (السميع) أولا في المواضع جميعها، وحتى عندما اقترن بـ(البصير) وبـ(القريب).

– وهل ورد (السميع) منفردا غير مقترن؟

– نعم ورد غير مقترن باسم آخر من أسماء الله الحسنى ولكن مضاف إلى الدعاء في موضعين من كتاب الله: {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً إِنَّكَ سَمِيعُ الدُّعَاءِ}(آل عمران: 38)، وقوله سبحانه: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ  إِنَّ رَبِّي لَسَمِيعُ الدُّعَاءِ (39)}(إبراهيم: 39).

وهما هنا بمعنى (مجيب).

     كان صاحباي في زيارتي بعد أن خف عني المرض، ومنعني عن صلاة الجماعة يومين متتاليين، أحدهما كان يبحث في الحاسوب، بينما اتخذت مجلسا مريحا ملتحفا بـ«البشت» أستمع لحديثهما.

– وماذا عن الآيات التي اقترن فيها (السميع) بـ(العليم)؟

– ها هي ذي موجودة أمامي على الشاشة: (البقرة:127)، (البقرة:137)، (المائدة:76)، (الأنعام:13)، (الأنعام:115)، (الأنفال:61)، (الأنبياء:4)، (فصلت:36)، (البقرة:181).

قاطعته: – لما رجعت إلى سورة البقرة؟

– في المرة الأولى ذكرت الآيات التي ورد فيها (السميع العليم)، والآن الآيات التي ورد فيها (سميع عليم).

– تابع.. جزاك الله خيراً.

– ذكرنا (البقرة: 181)، (البقرة:227)، (البقرة:256)، (آل عمران:34)، (آل عمران:121)، (الأعراف:200)، (الأنفال:17)، (التوبة:98)، (التوبة:103)، (النور:60)، (الحجرات:1)، ووردت {سميعاً عليما} في (النساء:148)، و{لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ} في (الأنفال:42).

ولنقرأ بعض هذه الآيات على سبيل المثال: {قُلْ أَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا نَفْعًا وَاللَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ْ} (المائدة:76).

{ وَلَهُ مَا سَكَنَ فِي اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } (الأنعام:13).

{وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ صِدْقًا وَعَدْلًا ۚ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ ۚ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (الأنعام:115)

{وَإِنْ جَنَحُوا لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ ۚ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} (الأنفال:61)

{وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاءِ اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحًا فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ ۖ وَأَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ ۗ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } (النور:60)

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} (الحجرات:1)

{لَا يُحِبُّ اللَّهُ الْجَهْرَ بِالسُّوءِ مِنَ الْقَوْلِ إِلَّا مَنْ ظُلِمَ ۚ وَكَانَ اللَّهُ سَمِيعًا عَلِيمًا} (النساء:148)

{إِذْ أَنْتُمْ بِالْعُدْوَةِ الدُّنْيَا وَهُمْ بِالْعُدْوَةِ الْقُصْوَىٰ وَالرَّكْبُ أَسْفَلَ مِنْكُمْ ۚ وَلَوْ تَوَاعَدْتُمْ لَاخْتَلَفْتُمْ فِي الْمِيعَادِ ۙ وَلَٰكِنْ لِيَقْضِيَ اللَّهُ أَمْرًا كَانَ مَفْعُولًا لِيَهْلِكَ مَنْ هَلَكَ عَنْ بَيِّنَةٍ وَيَحْيَىٰ مَنْ حَيَّ عَنْ بَيِّنَةٍ ۗ وَإِنَّ اللَّهَ لَسَمِيعٌ عَلِيمٌ ﴿42﴾} (الأنفال:42)

– وماذا عن أقوال العلماء في التفسير؟!

– في تفسير السعدي: «ولهذا وعد الله ر سوله أن يكفيه إياهم؛ لأنه السميع لجميع الأصوات، العليم بما بين أيديهم وما خلفهم وبالغيب والشهادة بالظواهر والبواطن، فإن كان كذلك كفاك الله شرهم».

وقال القرطبي في أيات الوصية: «صفتان لله تعالى لا يخفى معهما شيء من جنف الموصين وتبدين المعتدين».

تابع صاحبي بحثه في كتب اللغة.

     (السميع) بمعنى السامع بصيغة المبالغة، وهو سمع مطلق يليق بالله -عز وجل-، ويذكر العلماء هنا أنه -سبحانه- «يسمع دبيب النملة السوداء، على الصخرة الصماء، في الليلة الظلماء»، يسمع ما يتهامس به المتهامسون، ويتناجى به المتناجون، وما تسر به لصاحبك، والكل عنده سبحانه وتعالى سواء.

     (العليم) علم يليق به -سبحانه وتعالى-؛ فهو يعلم كل شيء، ما كان وما يكون وما سيكون وما لم يكن ولو كان كيف يكون، فقد أحاط سبحانه بكل شيء علما. واقتران (السميع) بـ(العليم)، فيه تحذير للعباد ألا يتكلموا بما لا يرضي الله؛ لأنه (سميع عليم)، علمه بالمسموع مباشر ليس عن طريق رسول أو واسطة، وفي اقتران الاسمين تأييد للنبي صلى الله عليه وسلم ، كما في (يونس:65)، وتطمين للمؤمنين إذا هم دعوا الله عز وجل بأنه (سميع عليم) فيجيب الدعاء إذا علم من أحوالهم الصدق والإخلاص.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ خطبة بعنوان: السميع العليم

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day