مقال بعنوان: أسماء الله الحسنى السميع
الاسم الحادي والثلاثون من أسماء ربنا جل جلاله: (السميع), وهذا الاسم المبارك ورد في القرآن خمساً وأربعين مرة, مقروناً باسمه العليم أو اسمه البصير أو اسمه القريب, أو غير ذلك من الأسماء كما في دعاء الخليل عليه السلام مع ولده إسماعيل بعدما رفعا القواعد من البيت قالا:
رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ [البقرة:127]
قال الله عز وجل:
وَأَنَّ اللهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ[الحج:61]
والسمع للإنسان وغيره من المخلوقات هو حاسة الأذن, أو ما وقر في الأذن من شيء تسمعه, فيقال: رجل سميع أي سامع, ويقال: سماع إذا كان كثير الاستماع لما يقال, فإذا قلنا بأن الله عز وجل (سميع) فمعنى ذلك أنه: سميع لأقوال عباده, وهو سبحانه يسمع السر والنجوى, سواء عنده الجهر والخفوت, والنطق والسكوت.
وقد يكون السماع في حقه جل جلاله بمعنى: الإجابة، كما في قول النبي صلى الله عليه وسلم في دعائه: ( اللهم إني أعوذ بك من قول لا يسمع )، وكما يقول المصلي إذا رفع من الركوع: ( سمع الله لمن حمده ) فسمع هنا بمعنى: أجاب.
قال ابن القيم رحمه: فعل السماع يراد به أربعة معان:
أولها: سمع إدراك وهو متعلق بالأصوات, ومنه قول الله عز وجل:
قَدْ سَمِعَ اللهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا [المجادلة:1]
ثانيها: سمع فهم وعقل, ومتعلقه بالمعاني, ومنه قول الله عز وجل:
لا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انظُرْنَا وَاسْمَعُوا [البقرة:104]
أي: اعقلوا عن الله عز وجل أمره وتأدبوا بهذا الأدب.
ثالثها: سمع إجابة وإعطاء ما سئل, ومنه قولنا: سمع الله لمن حمده.
رابعها: سمع قبول وانقياد, ومنه قوله تعالى عن اليهود عليهم لعائن الله:
سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ [المائدة:42]
(سماعون للكذب) أي: قابلون للكذب منقادون له.