خطبة عن اسم الله: (الشهيد)

 الحمد لله رب العالمين .. اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والايمان .ولك الحمد أن جعلتنا من أمة محمد عليه  الصلاة والسلام. وأشهد أن لا إله إلا لله وحده لا شريك له . وأشهد أن محمدا عبده ورسوله.. نشهد أنه بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

يقول الحق تبارك وتعالى في محكم آياته : (وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا) الأعراف 180، روى البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة- رضي الله عنه – أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: “إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلَّا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ”،قال الله تعالى -: ﴿ قُلْ أَيُّ شَيْءٍ أَكْبَرُ شَهَادَةً قُلِ اللَّهُ شَهِيدٌ بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ ﴾ [الأنعام: 19]،

اليوم -إن شاء الله- موعدنا مع اسم من أسماء الله الحسنى ،  ألا وهو اسمه تعالى : ( الشهيد ) ،والشهيد مِن أسماء الله الحُسنى التي وردتْ في الكتاب والسُّنة،  قال – تعالى -:

قال الزجَّاج: الشهيد الحاضر ، وقال الزجَّاجي: الشهيد في اللُّغة بمعنى الشاهد، كما أنَّ العليم بمعنى العالِم،  والشاهد خلاف الغائب،  

ومن آثار الإيمان بهذا الاسم العظيم ( الشهيد ) :

أولاً: أنَّ الله – عزَّ وجلَّ – هو عالِم الغيب والشهادة، لا يَخفى عليه شيءٌ، وإن دقَّ وصغر، فهو – سبحانه – شهيدٌ على العباد وأفعالهم ليس بغائبٍ عنهم، كما قال – سبحانه -:

فيَنبغي لكلِّ عامل أراد عملاً، صغُر العمل أو كبُر، أن يقف وقفةً عند دخوله فيه، فيعلم أنَّ الله شهيدٌ عليه، فيحاسب نفسه، فإنْ كان دخولُه فيه لله، مضَى فيه، وإلا ردَّ نفسَه عن الدخول فيه وتركه . وقال – تعالى -:

وروَى البخاري ومسلم من حديث ابن عبَّاس – رضي الله عنهما – قال: خَطَب رسولُ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فقال:

ثانيًا: أنَّ الله – عزَّ وجلَّ – أعظمُ شيءٍ شهادةً، كما قال – سبحانه -:

قال ابنُ جرير: يقول الله – تعالى ذِكْرُه – لنبيِّه محمدٍ – صلَّى الله عليه وسلَّم -: قل يا محمدُ، لهؤلاء المشركين الذين يُكذِّبون ويجحدون بنبوتك مِن قومك: أيُّ شيء أعظمُ شهادةً وأكبر؟ ثم أَخْبِرهم بأنَّ أكبر الأشياء شهادةً هو الله، الذي لا يجوز أن يقع في شهادته ما يجوز أن يقعَ في شهادة غيره من خَلْقه من السهو والخطأ، والغلط والكَذِب .  

ثالثًا: شَهِد الله – عزَّ وجلَّ – لنفسه بأنَّه واحد أحد، فرْد صمد، لا شريكَ له ولا وزير، ولا نِدَّ ولا نظير، وشهدتْ ملائكته وأولو العلم بذلك، كما في قوله – جلَّ شأنه -:

فتضمَّنتِ الآية أعظمَ شهادة من أعظم شهيد. 

رابعًا: أنَّ الله – تعالى – هو الشهيدُ على أفعال العِباد وأقوالهم، ويتجلَّى ذلك يومَ القِيامة عند مُحاسبتهم، وتقرير أحوالهم؛

 روى مسلم في صحيحه من حديث أنس بن مالك، قال: كنَّا عند رسولِ الله – صلَّى الله عليه وسلَّم – فضَحِك، فقال: ((هل تدرون ممَّ أضحك؟)) قال: قلْنا: الله ورسوله أعلم، قال: ((مِن مخاطبة العبدِ ربَّه، يقول: يا ربِّ، ألَم تُجْرِني من الظلم؟ قال: يقول: بلى، قال: فيقول: فإنِّي لا أُجيز على نفسي إلا شاهدًا مني، قال: فيقول: كفى بنفسِك اليوم عليك شهيدًا، وبالكِرام الكاتبين شهودًا، قال: فيُختَم على فِيه، فيُقال لأركانه: انطقِي، قال: فتنطق بأعماله، قال: ثم يُخلَّى بيْنه وبيْن الكلام، قال: فيقول: بُعدًا لَكُنَّ وسُحقًا، فعنكُنَّ كنت أناضل!)) . قال – تعالى -:

 خامسًا: أنَّ من أعظمِ ثمراتِ الإيمان بهذا الاسم: أن يَستحضرَ العبدُ شهودَ الله له عندَ كل عمل يعمله، أو كلام يقوله، أو نيِّة يعقدها، قال – تعالى -: