التعريف باسم الله (العزيز)
العزيز: العزيز في كلام العرب على أربعة أوجه:
1- الغالب القاهر، والعزة الغلبة. ومنه قول الله تعالى: {وَعَزَّنِي فِي الْخِطَابِ} [ص: 23]
2- الجليل الشريف. ومنه قول الله تعالى:
{يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنَا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَعْلَمُونَ} [المنافقون: 8]
3- القوي. يقال: (عز فلان بعد ضعف).
4- الشيء القليل الوجود المنقطع النظير. [اشتقاق أسماء الله الحسنى للزجاجي 1/ 194].
أصل ع ز ز في الكلام الغلبة والشدة ويقال عزني فلان على الأمر إذا غلبني عليه، ويقال عزه يعزه والله تعالى هو الغالب كل شيء فهو العزيز الذي ذل لعزته كل عزيز. [أسماء الله الحسنى للزجاج 1/237 - 239].
العزيز في حق الله تعالى: الذي له العزة كلها عزة القوة، وعزة الغلبة وعزة الامتناع، فممتنع أن يناله أحد من المخلوقات وقهر جميع الموجودات، ودانت له الخليقة وخضعت لعظمته.
فمعاني العزة الثلاث كلها كاملة لله العظيم عزة القوة الدال عليها من أسمائه القوي المتين، وهي وصفه العظيم الذي لا تنسب إليه قوة المخلوقات وإن عظمت، وعزة الامتناع فإنه هو الغني بذاته فلا يحتاج إلى أحد، ولا يبلغ العباد ضرة فيضرونه، ولا نفعه فينفعونه بل هو الضار النافع المعطي المانع، وعزة القهر والغلبة لكل الكائنات فهي كلها مقصورة لله خاضعة لعظمته منقادة لإرادته، فجميع نواصي المخلوقات بيده، لا يتحرك منها متحرك ولا يتصرف متصرف إلا بحوله وقوته وإذنه، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، ولا حول ولا قوة إلا به، فمن قوته واقتداره أنه خلق السماوات، والأرض، وما بينهما في ستة أيام، وأنه خلق الخلق ثم يميتهم يحييهم ثم إليه يرجعون {مَا خَلْقُكُمْ وَلا بَعْثُكُمْ إلا كَنَفْسٍ وَاحِدَةٍ}. {وَهُوَ الَّذِي يَبْدأُ الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْه} ومن آثار قدرته أنك ترى الأرض هامدة، فإذا أنزل عليها الماء اعتزت وربت وأنبتت من كل زوج بهيج، ومن آثار قدرته ما أوقعه بالأمم المكذبين، والكفار الظالمين من أنواع العقوبات وحلول المثلات، وأنه لم يغن عنهم كيدهم، ومكرهم، ولا أموالهم، ولا جنودهم، ولا حصونهم من عذاب الله من شيء لما جاء أمر ربك، وما زادوهم غير تتبيب، وخصوصاً في هذه الأوقات فإن هذه القوة الهائلة، والمخترعات الباهرة التي وصلت إليها مقدرة هذه الأمم هي من أقدار الله لهم وتعليمه لهم، ما لم يكونوا يعلمونه، فمن آيات الله أن قواهم، وقدرهم ومخترعاتهم لم تغن عنهم شيئاً في صد ما أصابهم من النكبات، والعقوبات المهلكة مع بذل جدهم واجتهادهم في توقي ذلك، ولكن أمر الله غالب، وقدرته تنقاد لها عناصر العالم العلوي، والسفلي.
ومن تمام عزته وقدرته وشمولهما أنه كما أنه هو الخالق للعباد فهو خالق أعمالهم وطاعتهم ومعاصيهم، وهي أيضاً أفعالهم، فهي تضاف إلى الله خلقاً وتقديراً وتضاف إليهم فعلاً ومباشرة على الحقيقة ولا منافاة بين الأمرين، فإن الله خالق قدرتهم وإرادتهم، وخالق السبب التام خالق للمسبب قال تعالى: {وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ}.
ومن آثار قدرته ما ذكره في كتابه من نصرة أولياءه على قلة عددهم وعُددهم على أعدائهم الذين فاقوهم بكثرة العدد، والعُدة، قال تعالى: {كَمْ مِنْ فِئَةٍ قَلِيلَةٍ غَلَبَتْ فِئَةً كَثِيرَةً بِإِذْنِ اللَّهِ}. [تفسير أسماء الله الحسنى للسعدي 1/214 – 216].
قال الحليمي: ومعناه: الذي لا يوصل إليه ولا يمكن إدخال مكروه عليه , فإن العزيز في لسان العرب من العزة وهي الصلابة , فإذا قيل لله العزيز فإنما يراد به الاعتراف له بالقدم الذي لا يتهيأ معه تغيره عما لم يزل عليه من القدرة والقوة , وذلك عائد إلى تنزيهه عما يجوز على المصنوعين لأعراضهم بالحدوث في أنفسهم للحوادث أن تصيبهم , وتغيرهم.
قال أبو سليمان رحمه الله: العزيز هو المنيع الذي لا يغلب , والعز قد يكون بمعنى الغلبة , يقال منه: عز يعز بضم العين من يعز وقد يكون بمعنى الشدة والقوة , يقال منه: عز يعز بفتح العين , وقد يكون بمعنى نفاسة القدر , يقال منه: عز الشيء يعز بكسر العين , فيتأول معنى العزيز على هذا أنه لا يعادله شيء , وأنه لا مثل له. [الأسماء والصفات للبيهقي 1/94].