الشبهات حول اسم الله (القاهر)
الشبهة:
يقول القائل: إذا كان الله لا يقهر إلا الظالمين، إلا المنحرفين، إلا المتغطرسين.
فهل المقهورون بالمرض والموت والفقر والذل هم في أساس الأمر: ظالمون ومنحرفون ومتغطرسون؟
وإذا كان الأمر كذلك، فماذا عن الأطفال المرضى والابتلاءات التي تحدث لنا في الدنيا؟ هل تحدث لنا بسبب ظلمنا وانحرافنا عن الحق؟ أم أن لله سبحانه وتعالى حكمة أخرى من وراء ذلك؟.
الرد عليها:
كونه تعالى لا يقهر إلا الظالمين، غير صحيح، فهو سبحانه وتعالى القاهر لجميع المخلوقات ـ من الجمادات وغيرها ـ على ما أراد ـ يستوي في ذلك برهم وفاجرهم مؤمنهم وكافرهم ـ لا راد لقضائه ولا معقب لحكمه لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ـ وعلى العبد أن يوقن بهذا ويسلم به ويستسلم له.
والقاهر معناه: الغالب ـ فهو سبحانه وتعالى القاهر بقدرته الغالب بعزته لكل شيء، وهو الذي قهر الخلق على ما أراد، قال ابن كثير في التفسير عند قول الله تعالى:
{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ}. { الأنعام: 18 }
أي وهو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كل شيء، ودانت له الخلائق وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه، وعظمته وعلوه، وقدرته على الأشياء، واستكانت وتضاءلت بين يديه، وتحت قهره وحكمه، وهو الحكيم: أي في جميع أفعاله الخبير بمواضع الأشياء ومحالها.
وأما ما أشكل عليك من القهر بالمرض والفقر: فإن لله في ذلك حكما بالغة، ومصالح لعباده في العاجل والآجل ـ علمها من علمها وجهلها من جهلها ـ وقد بينا طرفا من الحكم في هذه الابتلاءات والمصائب التي تحدث للناس في الدنيا.
فالله تعالى حكيم رحيم وعادل في قضائه وقدره، ولا يتنافى ذلك مع ما يمكن أن يلحقه ببعض عباده من المصائب والنكبات، فإن ذلك يكون تارة لتكفير الخطايا ومحو السيئات عنهم، وتارة يكون لرفع درجاتهم، وتارة يقع لتمحيص المؤمنين وتمييزهم عن المنافقين.