شرح أسماء الله الحسنى القاهر ، القهار


موقع الراشدون

أولا /  المعنى اللغوي :

القهر : السيطرة والغلبة ، والعلو، والأخذ من فوق ، والقاهر : الغالب.

وقهرت الشيء غلبته وعلوت عليه مع إذلاله بالاضطرار ، فتقول : أخذتهم قهرا : أي من غير رضاهم .

المعنى في حق الله تعالى :

القاهر هو الغالب على جميع الخلائق ، الذي يعلو في قهره وقوته فلا غالب له ولا منازع له ، بل كل شيء تحت قهره وسلطانه .

وقال ابن كثير في قوله تعالى : ( القاهر فوق عباده )أي : هو الذي خضعت له الرقاب، وذلت له الجبابرة، وعنت له الوجوه وقهر كل شيء ، ودانت له الخلائق وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوه وقدرته على الأشياء ، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت قهره وحكمه .

والقهار هو القاهر على المبالغة هو الذي لا موجود إلا وهو مسخر تحت قهره وقدرته عاجز في قبضته .

ولكن ما الفرق بين قهر الله وقهر الإنسان ؟ صفة القهر في الخلق، غالباً ما تكون مذمومة لقيامها على الظلم والطغيان، والتسلط على الضعفاء والفقراء كما قال فرعون:

(قَالَ سَنُقَتِّلُ أَبْنَاءهُمْ وَنَسْتَحْيِـي نِسَاءهُمْ وَإِنَّا فَوْقَهُمْ قَاهِرُونَ) الأعراف 127

أي نحن غالبون وهم مقهورون تحت أيدينا، فلا خروج لهم عن حكمنا و لا قدرة لهم .

فالإنسان عندما يقهر يكون دائما ظالم لمن يقهره ويسيطر عليه أما الله سبحانه وتعالى ففي قهره منتهى العدل كما سنبين إن شاء الله .

ثانيا / وروده في القرآن الكريم :

ذكر اسم الله القهار في القرآن الكريم 6 مرات ومنها

(يا صاحبي السجن أأرباب متفرقون خير أم الله الواحد القهار) يوسف 39 

( قل الله خالق كل شيء وهو الواحد القهار) الرعد 16

(يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار) إبراهيم 48

(قل إنما أنا منذر وما من إله إلا الله الواحد القهار )ص 65

(لو أراد الله أن يتخذ ولدا لاصطفى مما يخلق ما يشاء سبحانه هو الله الواحد القهار) الزمر 4 6.(يوم هم بارزون لا يخفى على الله منهم شيء لمن الملك اليوم لله الواحد القهار) غافر 16

اسمه القاهر : ورد في القرآن الكريم في موضعين في : قوله تعالى :

(وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) الأنعام 18

وقوله تعالى : (وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لَا يُفَرِّطُونَ) الأنعام 61

ثالثا / تأملات في رحاب الاسم الجليل :

نظرة لهذا الكون العظيم :

الله جل وعلا قائم على الكون ومهيمن عليه وهو تعالى القاهر فوق عباده يسيّر الكون كلّه بقهره وبقدرته ، ولا يعزب (لا يغيب)عن علمه مثقال ذرة .

فالكون بكل ما يحتويه يدل على صفة القهر ، فإذا نظرنا نظرة عابرة إلى الكون وجدنا أن كل مخلوق يسير وفقا للغاية التي أرادها الله من خلقه .

لونظرنا إلى الشمس والقمر .. الليل والنهار ؛ نجد أنها كما أخبرنا الله عز وجل :

(وَالشَّمْسُ تَجْرِي لِمُسْتَقَرٍّ لَّهَا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ* وَالْقَمَرَ قَدَّرْنَاهُ مَنَازِلَ حَتَّى عَادَ كَالْعُرْجُونِ الْقَدِيمِ* لَا الشَّمْسُ يَنبَغِي لَهَا أَن تُدْرِكَ الْقَمَرَ وَلَا اللَّيْلُ سَابِقُ النَّهَارِ وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) سورة يس 38

فالشمس تجري لمستقر لها في فلك خاص بها .. والقمر في فلكه الخاص .. وليس للشمس أن تقترب من مداره ولا للقمر أن يقترب من مدراها .. كل منهما يسير في الخط المرسوم ولا يخرج عنه ، مما يحول دون التصادم بينهما .. وهذا الأمر ينطبق على حركة الأفلاك جميعا وليس الشمس والقمر فحسب .. ولكن الله عز وجل حين يضرب الأمثال يضربها بما هو واضح للعيان .

وكذلك الليل والنهار يتعاقبان بانتظام .. فلا يأتي النهار قبل ميعاده أو يحل الظلام قبل أوانه وفي ذلك يقول جل وعلا :

( إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ) سورة الأعراف 54

ما الحكمة أن الله لم يقهرنا على طاعته ؟

يقول الشيخ الشعراوي –رحمه الله –

يقول جل وعلا :

(وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّى يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ) يونس 99

 وقال أيضا : (وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ) هود 118

فالحق سبحانه وتعالى قادر على هدايتنا جميعا ، ويستطيع أن يقهرنا على الإيمان ، ولكنه لم يشأ ذلك وشاء أن يمنحنا الاختيار ، ويخضعنا للاختبار ، فالمسلم يختبر في أفعل ولا تفعل ، وغير المسلم يختبر هل سيقدر الله حق قدره فيبحث عن طريق الهداية والحق أم يعرض ويتناسى .

وحتى يكون الاختبار حقيقيا فتح الله عز وجل المجال أمام المعاصي ليعصي والكافر ليكفر والمشرك ليشرك .. فالكل إذن في ظلال دائرة القهر .. والكل لم يخرج عن الإرادة الإلهية .

وقفة مع قول الله تعالى :

( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) الصافات 96

ومن الآيات القرآنية التي أثارت جدلا في هذه القضية قول الحق عز وجل : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) إذ أراد البعض أن يجعلها دليلا على أن الإنسان يسير سيرا مطلقا في ظل القهر الإلهي ، ويكون بذلك مجبرا في كل أفعاله ، بزعم أن أعمالنا مخلوقة كما أشارت الآية الكريمة … والحقيقة أن هذا فهم خاطئ .

ونوضح معنى هذه الآية بمثال :  هب أن إنسانا قفز إلى منزل وقتل صاحبه وسرق ما به من مال .. فهل هذا يعني أن الله عز وجل هو الذي خلق فعل القتل الذي قام به هذا الشخص وفعل السرقة الذي آتاه .. بالقطع كلا .. لأن الذي خلقه الله عز وجل هو إمكانية القيام بفعل معين وليس فعلا محددا بذاته .. إن الله عز وجل الذي أعطاك يدا تبطش بها ورجلا تسير عليها قد جعل في إمكانك أن تقتل أو تسرق ، كما جعل في إمكانك أن تصلي وتتصدق ، فإذا قتلت إنسانا بيدك وقيل : إن الله هو الذي خلق هذا القتل فإذا هذا يعني أنه جلا وعلا قد جعل في إمكانية يدك أن تقتل ، وليس معنى ذلك أنه هو الذي دفعك وقهرك على قتل من قتلت .

كذلك إذا صليت فإن الله عز وجل هو الذي خلق فعلك للصلاة بمعنى أنه جعل في إمكان بدنك أن يؤدي الصلاة ، وليس معنى ذلك أنه قهرك على أدائها .

إن كل عمل يؤديه العباد مخلوق ، بمعنى أن الله عز وجل هو الذي أعطي العباد إمكانية القيام به …. فلولا أن الله عز وجل قد جعل في إمكان الإنسان أن يكفر لما استطاع أن يكفر ، ولو لم يجعل في إمكانه أن يعصى لما استطاع أن يعصي كشأن الملائكة .

وبهذا المعنى فإن مشيئة الإنسان لم تخرج عن مشيئة الله عز وجل ، وعلم الإنسان لم يخرج عن القهر الإلهي .

ومن الآيات التي أوحت للبعض بأن الإنسان مقهور على أعماله قوله تعالى : ( مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي أَنفُسِكُمْ إِلَّا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ) فقالوا : إن قوله جل وعلا : ( فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا) يعني من جهة أن هذه المصيبة من خلق الله ، كما يعني أنها مكتوبة من قبل أن تقع .

ونقول ردا عليهم : إنه فيما يتعلق بكون هذه المصيبة مخلوقة فقد أوضحنا هذا المعنى في شرح قوله تعالى : ( وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) وفيما يتعلق بكونها مكتوبة قبل أن تحدث فهذا صحيح .. ولكن نبادر فنقول : إن هذه الكتابة قد بنيت على علم الغيب الذي ينفرد به الله عز وجل .

فالحق تبارك وتعالى عالم بالأحداث قبل أن تقع .. فإذا كتبها وحدثت بعد ذلك فإن هذا لا يعني أننا ننفذ ما كتبه الله علينا قهرا …… ومن الخطأ الجسيم أن يزعم إنسان أن الله عز وجل قد كتب عليه مقدما أنه من أهل النار أومن أهل الجنة ، وأنه مهما فعل لن يغير المكتوب ، لأنه وكما ذكرنا من قبل أن هذه الكتابة لم تفرض علينا أعمالنا .. بل إن الله عز وجل قد كشف الغيب المستور وشاهد الأعمال قبل أن تقع فسجلها بعلمه للغيب ، وليس على الإنسان أن يشغل باله بهذه المسألة ويجب أن يضع في ذهنه قوله الله عز وجل : ( يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ) وأؤكد على هذه الجزئية كثيرا ما أسمع شخصا يقول : ما فائدة الأعمال الصالحة إذا كان الله عز وجل قد كتب علىّ من البداية أنني من أهل النار ؟

وهذا الكلام محض هراء ، ونقول لقائله : ومن الذي أدراك ما الذي كتبه الله لك ؟ .. ولماذا افترضت أنك من المدرجين مع أهل النار وليس من أهل الجنة ؟ ا. هـ

الموت :

من مظاهر القهر الإلهي الموت الذي كتبه الله على عباده ؛ فلا يستطيع الخلق رده أو دفعه عن أنفسهم ، ولو أوتوا من القوة والجبروت ما أوتوا ، فسبحان مَن قهر عبادَه بالموت ، لأن الموت ينهي كل شيء ، ينهي قوة القوي وضعف الضعيف ، ينهي غنى الغني وفقر الفقير،ينهي صحة الصحيح ومرض المريض .

وقد ذكر الله الموت قريباً من وصفه نفسه بـ (القاهر ) ليذكرهم بشيء قد قهرهم به أجمعين وذلك في قوله تعالى :

( وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُم حَفَظَةً حَتَّىَ إِذَا جَاء أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لاَ يُفَرِّطُونَ! ثُمَّ رُدُّواْ إِلَى اللّهِ مَوْلاَهُمُ الْحَقِّ أَلاَ لَهُ الْحُكْمُ وَهُوَ أَسْرَعُ الْحَاسِبِينَ) الأنعام 63

لا نبي، ولا رسول، ولا قوي ، ولا غني ،ولا صحيح ،ولا مريض ،ولا فقير ، ولا ملك ولا وزير ، إلا ويموت قال تعالى  :

” إنك ميت وإنهم ميتون” الزمر 30

يروى أن أعرابيًا كان يسير على جمل له، فخر الجمل ميتًا، فنزل الأعرابي عنه، وجعل يطوف به ويتفكر فيه، ويقول: ما لك لا تقوم؟

مالك لا تنبعث؟هذه أعضاؤك كاملة!! وجوارحك سالمة!!ما شأنك؟

ما الذي كان يحملك؟ما الذي صرعك؟ما الذي عن الحركة منعك؟

ثم تركه وانصرف متعجبًا من أمره، متفكرًا في شأنه!!

الأمراض والبلايا : ومما قهر الله به  عباده أيضاً : الأمراض والمصائب والنكبات التي لا يملكون ردّها عن أنفسهم ، ولذا ورد اسم الله ” القاهر “ وربطه بمس الخير والشر قال تعالى : (وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدُيرٌ! وَهُوَ الْقَاهِر فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ)الأنعام 17

وقوله ( فوق عباده)  تصوير للقهر والعلو بالغلبة والقدرة .

فإذا علم العبد أن الله هو الغالب على أمره اطمئن كقوله تعالى : (قُلْ أَفَرَأَيْتُم مَّا تَدْعُونَ مِن دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ)الزمر 38

وقال جل شأنه :

(وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصَيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) يونس107

( فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلا هُوَ ) لأن الخلق، لو اجتمعوا على أن ينفعوك بشيء، لم ينفعوك إلا بما كتبه الله، ولو اجتمعوا على أن يضروك ، لم يقدروا على شيء من ضرره، إذا لم يرده الله، ولهذا قال: ( وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ ) أي: لا يقدر أحد من الخلق، أن يرد فضله وإحسانه، كما قال تعالى:

(مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ) فاطر2

( يُصِيبُ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ ) أي: يختص برحمته من شاء من خلقه، والله ذو الفضل العظيم.

وقد ثبت في الصحيح عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال : “اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد ” .

وفي حديث ابن عباس المشهور ” واعلم أن الأمة لو اجتمعت على أن ينفعوك لم ينفعوك إلا بشيء قد كتبه الله لك ، وإن اجتمعوا على أن يضروك بشيء لم يضروك إلا بشيء قد كتبه الله عليك ، رفعت الأقلام وجفت الصحف“. قهر الله للظالمين :

الظلم مرتعه وخيم ، وعاقبته سيئة ،ومتى فشا الظلم في أمة أهلكها، ومتى حل في قرية دمرها، ولو بغى جبل على جبل لدك الباغي منهما.

عن أبي موسى الأشعري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته (لم يطلقه )، قال : ثم قرأ  (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ) متفق عليه

وهذا الحديث سلوى للضعفاء المظلومين من المؤمنين المعذبين في الأرض بغير حق ليعلم الموحدون المضطهدون أنه و لابد أن يأتي يوم يخلص الله فيه عباده المقهورين من هؤلاء الظلمة المتجبرين .

والحديث يجمع سُنتين من سنن الله تعالي : الأولي سنة الإملاء والإمهال للظالمين ومعنى ليملي : أي يمهل ويؤخر ويطيل له في المدة .

الثانية أخذ الله للظالمين وعدم إفلاتهم من عقاب الله الأليم .

وتأخير الهلاك للظالمين من حكمة الله سبحانه ليبتلي عباده المؤمنين وليميز الخبيث من الطيب .

ما أهون العباد على الله ، لو أضاعوا أمره :

حيث لا ينفعهم قوة سلطان ولا عظمة جاه ولا شرف نسب أو حسب!

عندما فتح المسلمون جزيرة قبرص بكى أبو الدرداء ، فقيل له: تبكي في مثل هذا اليوم الذي أعز الله فيه الإسلام وأهله!

فقال أبو الدرداء: بينما هذه الأمة قاهرة ظاهرة، إذ عصوا الله، فلقوا ما ترى، ما أهون العباد على الله إذا هم عصوه.

– نعم ما أهونهم على الله ، لو أضاعوا أمره..!!

فبينما هم في عزة وتمكين وقوة وجبروت صاروا إلى ما ترى .. فأين حسني مبارك وجبروته وقوته وسطوته؟!!

ذلكم الفرعون الذي حكّم غير شرع الله، وقال: {مَا أُرِيكُمْ إِلاَّ مَا أَرَى وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشَادِ} غافر: 29.

أين هو حسني مبارك الفاسد الذي ظلم العباد فسرق أموالهم، وجمع ثروة هو وأسرته تربو على السبعين مليار دولار من أموال شعبه ودمائهم، فكان أغنى أغنياء العالم في أفقر شعب؟!

أين هو حسني مبارك المستبد الذي جمع حوله أكثر من مليون جندي لحراسته هو شخصيًّا دون شعبه أو حاشيته؟! فعاثوا في الأرض فسادًا وعدوانًا، فأرهبوا الشعب وقمعوا المخالفين لسيدهم .

أين هو الآن بعد أن كان في عزة وتمكين ومنعة..؟! ولكن كل ذلك ما أغنى عنه من الله تعالى شيئًا، لقد أراد الله تعالى له أن يمد في عمره حتى أرذله؛ ليرى عاقبة الله سبحانه في الظالمين الطاغين، ليرى أن حاشيته لا تغني عنه، وأن جنده لا يغنون عنه، وأن ماله وسلطانه لا يغنيان عنه من الله شيئًا، ليقول بلسان حاله:

{مَا أَغْنَى عَنِّي مَالِيَهْ * هَلَكَ عَنِّي سُلْطَانِيَهْ} [الحاقة: 28، 29]..

وليرى الصالحون والمصلحون الذين قهرهم حسني مبارك سنوات وسنوات، وأودعهم السجون والمعتقلات، وظلوا يدعون الله تعالى أن يخلصهم من شره وطغيانه ، وقد كنا والله غاية ما نتمناه أن نفتح قناة الجزيرة فنسمع خبر هلاكه بعد أن جاوز الثمانين من عمره ، ولكن الله تعالى الحكيم مدّ في عمر الظالم بل ومكّن له رقاب العباد، وحسني مبارك يتمادى في غيِّه وظلمه وكأنّ عين الله لا تراه، والمسكين لا يعلم أن الله تعالى يُملي له ويستدرجه، وأن الله لم يهمله بل أمهله، حتى إذا جاءت ساعة العقاب، ثار عليه شعبه فأهانوه وأذلوه وأخرجوه حقيرًا جبانًا، وانتهت قصة حسني مبارك الظالم، الذي كان ملء السمع والبصر!!

سبحان الله !! عندما ينادي القاضي عليه وهو داخل القفص الحديدي المتهم محمد حسني مبارك ، فيجيب مذموما مخذولا …. فهو الآن سجين بين القضبان هو وولديه وكبار اللصوص من حاشيته  …. نعم ما أهونهم على الله ، لو أضاعوا أمره..!!

وأين هو ابن على رئيس تونس الهارب الذي حارب الفضيلة والحجاب ونشر الرذيلة والظلم والفساد ، أين هو الآن  ؟ شريد طريد مغترب يسمع صوت الأذان الذي عذب أهله وسحلهم وسجنهم ،  تصدح به مآذن جدة في كل صلاة ،ويرى النقاب في كل مكان النقاب والحجاب الذي حاربه وسماه زي طائفي ، وهو يعاني الآن من جلطة بالمخ ، وأرادت زوجته الانتحار غير مرة نعم ما أهونهم على الله ، لو أضاعوا أمره..!!

وعلي عبد الله سود الله وجهه ، مصاب محروق يعالج من حروقه،وسفاح سوريا  الذي يترقب أسوأ العاقبة والمصير إن شاء الله .

وأين القذافي الذي أتي بالمرتزقة لقتل شعبه فأخزاه الله وقهره ، وقتله الله على يد الثوار الأبرار ، نعم ما أهونهم على الله ، لو أضاعوا أمره..!!

الشيخ عبد الحميد كشك يتنبأ بنهاية القذافي :

انتشر مقطع من خطبة للشيخ عبد الحميد كشك منذ أكثر من ربع قرن توقع فيها ألا يدفن القذافي فى التراب .

وقال الشيخ إن القذافي سيموت وسيرفض التراب أن يأخذه ، ولن يدفن !!

وقال الشيخ كشك فى خطبته :ما أدراك بعد موتك ستأخذك الأرض ، إن التراب سيأبى أن يأخذك ، سيأبى التراب أن يأخذك

ثم ألقي الشيخ كشك هذا الشعر:

سنقول لك بعد موتك يا قذافي

لفظ الثرى جثمانه وتطهرا 

ورماه في جيف المجاري منكرا

لا تحسبوا تحت التراب عظامه

أبت المقابر أن تكون له ثرى

وتعجب الشيخ من طلب معمر القذافي من الحكومة المصرية أن يشتري قبر الزعيم الهالك جمال عبد الناصر بمبلغ 500 مليون دولار ليجعله مزارا في ليبيا كما يزور الناس قبر الرسول صلي الله عليه وسلم .

وقال الشيخ في خطبته متعجبا من معمر القذافي : بدلا من أن تنفق الملايين على شراء قبر جمال عبد الناصر اجعل من قبرك أنت مزارا لكني استبعد أن تجد قبرا يضمك لان التراب سيلفظك” .

سقط العقيد فلا تسل عن وجهه ..وعليه من دمه الرخيص بيان

سقط المكابر وانتهى الطغيان – – وتخلصت من جوره الأوطان

رأت العيون ملامح الوحش الذي – – فقد الضمير ،وأصغت الآذان

سقط العقيد فلا كتاب أخضر – – يجدي ولا جند ولا أعوان

ظن الكتائبَ سوف تحرس عرشَه – – أنّى لها ، والقائدُ الشيطان

سقط العقيدُ ، نهاية محتومةٌ – – للظلم مهما طالت الأزمان

أتاتورك وخاتمة السوء : كان أتاتورك شديد الخوف على نفسه؛ لذلك فقد أحاط نفسه بكبار الأطباء، ومع ذلك لم يكتشفوا أنه كان مريضًا بالكبد حتى وصل لمرحلة التليف الذي أصابه بالاستسقاء، واحتاج إلى سحب الماء من بطنه بالإبر ثم أصابه الله بمرض الزهري نتيجة شذوذه وفحشه.

وفي مرض موته ابتلاه الله بحشرات صغيرة حمراء لا تُرى بالعين سببت له الحكة والهرش حتى أمام زواره من السفراء والكبراء حتى ظهرت على وجهه ويكتشف أن السبب وراء ذلك نوع من النمل الأحمر الذي لا يوجد إلا في الصين !!

سبحان الله -من الصين إلى تركيا- ليذل الله عز وجل به هذا المجرم الهالك، ويظل على عذابه من سنة 1356هـ حتى سنة 1358هـ حيث يهلك ويرحل إلى مزبلة التاريخ في 16 شعبان 1358هـ.

الهالك جمال عبد الناصر في مياه المجاري

ذكرالدكتور محمد الجوادي المؤرخ السياسي، أن جثمان الهالك جمال عبد الناصر ليس موجودا في قبره بكوبري القبة، وإنما أصبح «تائهًا» في مياه المجاري، بحسب قوله.

وقال الجوادي في تدوينة له على «فيس بوك»: إنه سمع هذه الرواية من لواء سابق في الشرطة قال بالحرف: «إن الناس تعتقد أن عبدالناصر مدفون في قبره بكوبري القبة لكن الحقيقة غير ذلك لأن الخدمة الشرفية على قبر عبدالناصر بعد وفاته بعدة سنوات كانوا يشمون رائحة كريهة تخرج من قبره، حتى الزائرين من خارج مصر كانوا يشمون هذه الرائحة فكانت الخدمة على القبر يضعون الورود والمعطرات للتغلب على هذه الرائحة ولكن دون جدوى».

وأضاف: «عندما وصل الأمر إلى قائد الحرس الجمهوري الليثي ناصف أيام الرئيس السادات، قال السادات لليثي افتحوا القبر شوفوا فيه إيه.. ففتحوا القبر وهنا كانت الصدمة، وجدوا أن ماسورة مجاري ضربت داخل القبر، فأحضروا شفاطات من الصرف الصحي ليشفطوا هذا الماء، ويجففوا القبر وكانوا يوصلون الشفاطات على المجاري مباشرة، وبعدما جففوا القبر دخلوا القبر فلم يجدوا الجثة».

وعلق الدكتورالجوادي على رواية اللواء السابق، الذي لم يذكر اسمه، بقوله: «نستنتج من ذلك شيئين.. إما أن ماء المجاري أكل الجثة فذابت فيه، وإما أن الشفاطات شفطت الجثة وهي الآن تائهة في مجاري مصر!»، مشيرًا إلى أن الشيخ عبد الحميد كشك أكد هذه الرواية في إحدى خطبه قبل وفاته.

فلنأخذ العبرة من أحداث هذه الأيام..  من سقوط عروش المتكبرين.. ومصارع الظالمين، ونهايات المتجبرين.. ولنحذر الظلم بكل أنواعه فإنه قد أودى بأصحابه..وهبط بهم من علياء العز وذرى المجد إلى أرذل الذل وأقبح الذكر.. وكم من عزيز ذل بظلمه! وكم من جبار قصم الله بظلمه!

{وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ العَذَابَ أَنَّ القُوَّةَ لله جَمِيعًا وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ العَذَابِ} البقرة:165

{فَقُطِعَ دَابِرُ القَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَالحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالَمِينَ} الأنعام:45

{وَتِلْكَ القُرَى أَهْلَكْنَاهُمْ لَمَّا ظَلَمُوا} الكهف:59

{وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ} الشعراء:277

ثمار الإيمان بالاسم الجليل :

1- اليقين بأن كل شئ في الكون خاضع لأمره سبحانه .

2- عندما يتيقن الإنسان أن الله هو القهار يستشعر ضعفه وقله حيلته وهوانه فلا يتكبر ولا يتجبر بل يتواضع لغيره ويعلم أن من سخر له ما في الكون قادر على أن يذله ويهلكه .

3- صفة القهر في البشر مذمومة وهي في حق الله كمال كما سبق بيانه .

4- الله قهر جميع المخلوقات لطاعته إلا الجن والإنس جعلهم الله مختارين ابتلاء لهم ، ولو شاء لأجبرهم على طاعته ولكنه سبحانه لا يريد قوالب خاضعة إنما يريد قلوبا ضارعة (إن نشا ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين ) الشعراء 4

5- علم الله سابق وليس سائق فالله جعلنا مختارين مكلفين وخلق فينا القدرة على فعل الخير وفعل الشر ، فلا يحتج أحد بما سبق في علم الله على المعصية . ويعجبني في هذا السياق مقولة جعفر الصادق : “إن الله أراد بنا أشياء، وأراد منا أشياء .. فما أراده الله بنا طواه عنا، وما أراده منا أظهره لنا .. فما بالنا نشتغل بما أراده بنا عما أراده منا؟!”

6- فليأخذ الجميع العبرة من ثورات الربيع العربي وقهر الله للظالمين ، فها هم خمسة من زعماء العرب كانوا يتربعون على عروشهم في عز سلطانهم، قد أحاطت بهم جنودهم ، وذلت رقاب الرجال لجبروتهم، ما حالهم الآن؟ وهل كانوا يظنون أن يصيروا إلى ما صاروا إليه؟!

7- اليقين أنه سيأتي اليوم الذي يفنى فيه جميع الخلق فلا يبقى إلا الله الواحد القهار كما قال النبي صلى الله عليه وسلم حين صعد المنبر فقال:

«يَأْخُذُ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ سَمَاوَاتِهِ وَأَرَضِيهِ بِيَدَيْهِ، فَيَقُولُ: أَنَا اللهُ -وَيَقْبِضُ أَصَابِعَهُ وَيَبْسُطُهَا- أَنَا الْمَلِكُ  .

قال ابن عمر: حَتَّى نَظَرْتُ إِلَى الْمِنْبَرِ يَتَحَرَّكُ مِنْ أَسْفَلِ شَيْءٍ مِنْهُ، حَتَّى إِنِّي لَأَقُولُ: أَسَاقِطٌ هُوَ بِرَسُولِ الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟»

وذلك من تعظيمه لله تعالى، وفي رواية:

«ثُمَّ يَقُولُ سبحانه: أَنَا اللهُ الرَّحْمَنُ، أَنَا الْمَلِكُ، أَنَا الْقُدُّوسُ،أَنَا الْمُؤْمِنُ، أَنَا الْمُهَيْمِنُ، أَنَا الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ، أَنَا الْمُتَكَبِّرُ، أَنَا الَّذِي بَدَأْتُ الدُّنْيَا وَلَمْ تَكُ شَيْئًا، أَنَا الَّذِي أُعِيدُهَا، أَيْنَ الْمُلُوكُ؟ أَيْنَ الْجَبَابِرَةُ».

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ شرح أسماء الله الحسنى القاهر ، القهار

  • التعريف باسم الله (القاهر)

    فريق عمل الموقع

    القاهر: القهر في وضع العربية الرياضة -الترويض- والتذليل يقال قهر فلان الناقة إذا راضها وذللها.  القاهر في حق

    23/03/2022 729
  • (الحفي) هل هو من الأسماء الحسنى

    موقع/ إسلام ويب

    السؤال سؤالي جزاكم الله خير الدنيا والآخرة: هل من أسماء الله الحسنى الحفي؟ نرجو التفصيل . الإجابــة الحمد لله

    03/08/2021 1175
  • خطبة بعنوان: القاهر - القهار

    أ.د. أمير الحداد

    – أعلم أن (القهار) صيغة مبالغة من (القاهر) وكلاهما من أسماء الله الحسنى. – دعنا نبدأ بالاطلاع على المعنى اللغوي

    23/03/2022 1088
معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day