فضل أهل الإيمان (2)
ثانيا: فضل أهل الإيمان :
2- أهل الإيمان هم أفضل الناس عند الرحمن:
أخرج الإمام مسلم من حديث أبي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْأُتْرُجَّةِ رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا طَيِّبٌ وَمَثَلُ الْمُؤْمِنِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ التَّمْرَةِ لَا رِيحَ لَهَا، وَطَعْمُهَا حُلْوٌ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ مَثَلُ الرَّيْحَانَةِ، رِيحُهَا طَيِّبٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ، وَمَثَلُ الْمُنَافِقِ الَّذِي لَا يَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَمَثَلِ الْحَنْظَلَةِ لَيْسَ لَهَا رِيحٌ وَطَعْمُهَا مُرٌّ".
فهذا حال المؤمن نافع لنفسه متعد نفعه إلى غيره أو قاصر النفع على نفسه وفي كل خير.
قال العلامة السعدي- رحمه الله- في كتابه" التوضيح والبيان لشجرة الإيمان صــ63-90" :
فإن الناس أربعة أقسام:
- الأول: خير في نفسه متعد خيره إلى غيره، وهو خير الأقسام. فهذا المؤمن الذي قرأ القرآن وتعلم علوم الدين فهو نافع لنفسه متعد نفعه إلى غيره مبارك أينما كان كما قال الله تعالى عن عيسى -عليه السلام-: ﴿ وَجَعَلَنِي مُبَارَكاً أَيْنَ مَا كُنتُ ﴾ (مريم: 31).
- والثاني: طيب في نفسه صاحب الخير، وهو المؤمن الذي ليس عنده من العلم ما يعود به على غيره.
فهذان القسمان هما خير الخليقة، والخير الذي فيهم عائد إلى ما معهم: من الإيمان القاصر والمتعدي نفعه إلى الغير بحسب أحوال المؤمنين.
- والقسم الثالث: من هو عادم للخير ولكنه لا يتعدى ضرره إلى غيره.
- والرابع: من هو صاحب شر على نفسه وعلى غيره فهذا شر الأقسام، قال تعالى عنهم: ﴿ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ زِدْنَاهُمْ عَذَابًا فَوْقَ الْعَذَابِ بِمَا كَانُوا يُفْسِدُونَ ﴾ (النحل:88).
فعاد الخير كله إلى الإيمان وتوابعه وعاد الشر إلى فقد الإيمان والاتصاف به والله الموفق أهـ
ومما يدل على أن أهل الإيمان هم أفضل الناس وأحبهم إلى الله تعالى ما أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "المؤمن القوي خيرٌ وأحب إلى الله من المؤمن الضعيف، وفي كلٍ خير، احرص على ما ينفعك، واستعن بالله ولا تعجز، وإن أصابك شيءٌ فلا تقل: لو أنِّي فعلتُ كان كذا وكذا، ولكن قل: قدر الله وما شاء فعل، فإنَّ لو تفتح عمل الشيطان ".
قال النووي- رحمه الله- في" شرحه على مسلم:16/2015":
والمراد بالقوة هنا، عزيمة النفس والقريحة في أمور الآخرة، فيكون صاحب هذا الوصف أكثر إقداما على العدو في الجهاد، وأسرع خروجا إليه، وذهابا في طلبه، وأشد عزيمة في الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والصبر على الأذى في كل ذلك، واحتمال المشاق في ذات الله تعالى، وأرغب في الصلاة، والصوم، والأذكار، وسائر العبادات، وأنشط طلبًا لها، ومحافظةً عليها، ونحو ذلك. اهـ