أيام الله
لما نسي كثير من العباد هذه الحقيقة – أن الأصل في الإنسان أنه: ضعيف، ولا حول ولا قوة إلا بالله-، جرهم الشيطان إلى الاغترار بقوتهم؛ حتى نسوا قوة الله عز وجل، فأخذوا يتمادون في غيهم!..
فهذه أمة عاد، قال الله عز وجل فيها:
{فَأَمَّا عَادٌ فَٱسْتَكْبَرُوا فِى ٱلْأَرْضِ بِغَيْرِ ٱلْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً ۖ أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِى خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً ۖ وَكَانُوا بِـَٔايَٰتِنَا يَجْحَدُونَ}
[فصلت: 15]
ولما قال لهم هود عليه السلام: اتقوا الله واعبدوه وحده! قالوا:
{مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً}
[فصلت: 15]
قهرنا العباد، ونحن نقدر أن ندفع أي عذاب بفضل قوتنا!!.. غرهم طول أجسامهم، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "كان أطولهم: مائة ذراع وأقصرهم: ستين ذراعاً.
ولما بلغ التحدي ذروته والعصيان قمته وانحلاله؛ ارسل الله عز وجل عليهم جنداً من جنده: ريحاً صرصراً في أيام نحسات قال الله تبارك وتعالى:
{فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا صَرْصَرًا فِىٓ أَيَّامٍۢ نَّحِسَاتٍۢ لِّنُذِيقَهُمْ عَذَابَ ٱلْخِزْىِ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا ۖ وَلَعَذَابُ ٱلْءَاخِرَةِ أَخْزَىٰ ۖ وَهُمْ لَا يُنصَرُونَ}
[فصلت: 16]
وهذه سنة من سنن الله في الأرض، وعلى مر التاريخ: أن المغتر بقوته والمتكبر نهيته كحال قوم عاد؛ تأخذه قوة الملك الجبار.
ولذا؛ قال تبارك وتعالى:
{قُلْ سِيرُوا فِى ٱلْأَرْضِ ثُمَّ ٱنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَٰقِبَةُ ٱلْمُكَذِّبِينَ}
[الأنعام: 11]
لعلهم يعتبرون بمصارع الغابرين! فعشرات الأمم كفرت بالله ورسله، واغترت بقوتها وشؤونها وعمارتها في الأرض؛ فأخذهم الله أخذ عزيز مقتدر:
{فَكُلًّا أَخَذْنَا بِذَنۢبِهِۦ ۖ فَمِنْهُم مَّنْ أَرْسَلْنَا عَلَيْهِ حَاصِبًا وَمِنْهُم مَّنْ أَخَذَتْهُ ٱلصَّيْحَةُ وَمِنْهُم مَّنْ خَسَفْنَا بِهِ ٱلْأَرْضَ وَمِنْهُم مَّنْ أَغْرَقْنَا ۚ وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَٰكِن كَانُوٓا أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}
[العنكبوت: 40]
أحاط المشركون بالنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم؛ قاصدين: اجتثاثهم من الأرض في غزوة الأحزاب؛ فأرسل الله عز وجل جنداً من جنوده: ريحاً، جعلتهم يفرون من حول المدينة:
{وَرَدَّ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا ۚ وَكَفَى ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ ٱلْقِتَالَ ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا}
[الأحزاب: 25]
صبي يهلك ملكاً، وماء يغرق قوماً، وبحر يدمر جيشاً، وبعوضة تذل نمروجاً، وأرض تبلع قارون، وطيور تطحن أبرهة..
إنه القوي، يدهشك بقوته سبحانه وتعالى.
إلى الله كل الأمر في الخلق كله وليس إلى الخلق شيء من الأمر