أمنيتك تتحقق..
فالعبد المؤمن الحق يعلم: أن الله قوي متين عز وجل، وأن الله على كل شيء قدير، يحقق الأماني، ويجعل البعيد قريباً والحلم حقيقة.
وهذا إبراهيم عليه السلام يأتي بأهله إلى واد غير ذي زرع؛ فيسكن المرأة الضعيفة والطفل الصغير في هذا الوادي، فيقول متوكلاً واثقاً بقوة الله:
{رَّبَّنَآ إِنِّىٓ أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِى بِوَادٍ غَيْرِ ذِى زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ ٱلْمُحَرَّمِ}
ربي! قربتهم من بابك، وقطعت رجاءهم من دونك:
{رَبَّنَا لِيُقِيمُوا ٱلصَّلَوٰةَ}
ربي! ليقوموا بخدمتك؛ فأنت أولى بهم مني ومنهم:
{فَٱجْعَلْ أَفْـِٔدَةً مِّنَ ٱلنَّاسِ تَهْوِىٓ إِلَيْهِمْ وَٱرْزُقْهُم مِّنَ ٱلثَّمَرَٰتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ}
[إبراهيم: 37]
فذلل العباد لهم إذا احتاجوا إلى شيء، إنك على كل شيء قدير.
فإذا كنت ضعيفاً وربك قوي متين؛ فلا تخف! فأنت عبد قوي، وعبد متين، فمن توكل على الله كفاه، ومن استغنى بالله أغناه، والله سبحانه وتعالى يغار أن يتعلق قلب المؤمن بغيره، وأن يعتمد على غيره، أو ينقاد إلى غيره، أو يريق ماء وجهه عند غيره.
وقصة يوسف من أحسن القصص وأوضحها وأبينها؛ لما فيها من أنواع التنقلات من حال إلى حال، ومن محنة إلى محنة ومنة، ومن ذل إلى عز، ومن رق إلى ملك، ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وائتلاف، ومن حزن إلى سرور، ومن رخاء إلى جدب إلى رخاء، ومن إنكار إلى إقرار.
ثم لا تشك القوي إلى الضعيف.
وإذا شكوت إلى ابن آدم إنما
تشكو الرحيم إلى الذي لا يرحم
فالقوة: أن تتمسك بالله عز وجل دون عيره؛ إفراداً وأمماً، أما ترى إلى حالة الأمة الإسلامية عندما تخلت عن اعتمادها على الله، وعلقت آمالها بعدوها؟! سقطوا عند الله، وسقطوا في أعين أعدائهم! فخم في ذل وخسارة، ولن تعود إليهم العزة والمنعة حتى يتعلقوا بالله القوي المتين وحده لا شريك له.
قال الله سبحانه وتعالى:
{كَتَبَ ٱللَّهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا۠ وَرُسُلِىٓ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ}
[المجادلة: 21]
اللهم إنا نسألك باسمك المتين: أن تغفر لنا والوالدينا ولجميع المسلمين.