الغني جل جلاله
"عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ بَيْنَا أَيُّوبُ يَغْتَسِلُ عُرْيَانًا فَخَرَّ عَلَيْهِ جَرَادٌ مِنْ ذَهَبٍ فَجَعَلَ أَيُّوبُ يَحْتَثِي فِي ثَوْبِهِ فَنَادَاهُ رَبُّهُ يَا أَيُّوبُ أَلَمْ أَكُنْ أَغْنَيْتُكَ عَمَّا تَرَى قَالَ بَلَى وَعِزَّتِكَ وَلَكِنْ لَا غِنَى بِي عَنْ بَرَكَتِكَ"
ومع ذلك – كله- فالكل محتاج إلى الله عز وجل
{يَٰٓأَيُّهَا ٱلنَّاسُ أَنتُمُ ٱلْفُقَرَآءُ إِلَى ٱللَّهِ ۖ وَٱللَّهُ هُوَ ٱلْغَنِىُّ ٱلْحَمِيدُ}
[فاطر: 15]
وربنا هو الغني عز وجل؛ الذي لا أغنى منه على الإطلاق، والكل فقير محتاج إليه.
فربنا غني بذاته وصفاته وسلطانه، كمل في غناه فلا يحتاج إلى أحد.
وربنا من كمال غناه: أنه لا تنفعه طاعة الطائعين، ولا تضره معصية العاصين؛ ولو كفر به كل العالمين! قال عز وجل:
{وَمَن كَفَرَ فَإِنَّ ٱللَّهَ غَنِىٌّ عَنِ ٱلْعَٰلَمِينَ}
[آل عمران: 97]
ومن كمال غناه سبحانه وتعالى: أنه يحسن إلى العباد، ويريد بهم الخير، ويكشف عنهم الضر؛ لا لشيء إنما رحمة بهم وإحساناً
{وَمَا رَبُّكَ بِغَٰفِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ}
[الأنعام: 133]
ومن كمال غناه سبحانه تعالى: تنزهه عن النقائص والعيوب، وكل ما ينافي غناه، فلم يتخذ صاحبة ولم يتخذ ولداً، ولا شريكاً في الملك، ولا ولياً من الذل، ولم يكن له كفواً أحداً، قال ربنا عز وجل
{وَقُلِ ٱلْحَمْدُ لِلَّهِ ٱلَّذِى لَمْ يَتَّخِذْ وَلَدًا وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ شَرِيكٌ فِى ٱلْمُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَّهُۥ وَلِىٌّ مِّنَ ٱلذُّلِّ ۖ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيرًۢا}
[الإسراء: 111]
ومن كمال غناه وكرمه سبحانه وتعالى: أنه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم بإجابة دعواتهم:
{وَقَالَ رَبُّكُمُ ٱدْعُونِىٓ أَسْتَجِبْ لَكُمْ ۚ إِنَّ ٱلَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِى سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ}
[غافر: 60]
وصح عنه عليه السلام أنه قال:
"ليس شيء أكرم على الله عز وجل من الدعاء"
[حديث حسن. رواه الترمذي]