العالم بأسره فقراء إلى الله...
العالم أجمع؛ جنهم وإنسهم، وغنيهم وفقيرهم، وكبيرهم وصغيرهم، وأميرهم وحقيرهم، وقويهم وضعيفهم؛ فقراء إلى الله، محتاجون إليه في كل ساعة.
ومن كرم الله: أنه قرن اسمه (الغني) بوصف (الرحمة) في قوله سبحانه وتعالى:
{وَرَبُّكَ ٱلْغَنِىُّ ذُو ٱلرَّحْمَةِ ۚ}
[الأنعام: 133]
وذلك لإخبار العباد أنه: غني عن عبادتهم، ومع هذا فهو قد رحمهم في كل شيء؛ حتى في العبادات والتكاليف، بل من رحمته: أنه يقبل القليل فيكثره.
ومن كرمه أنه قرن اسمه (الغني) باسمه (الحميد)، قال الله سبحانه وتعالى:
{وَقَالَ مُوسَىٰٓ إِن تَكْفُرُوٓا أَنتُمْ وَمَن فِى ٱلْأَرْضِ جَمِيعًا فَإِنَّ ٱللَّهَ لَغَنِىٌّ حَمِيدٌ}
[إبراهيم: 8]
أي: بليغ الاستحقاق للحمد؛ بما له من عظيم النعم.
فالكل محتاج إليه؛ في كل صغيرة وكبيرة، وفي كل ساعة وكل ثانية.
فهذا أكمل الخلق عبودية يدعو ربه مظهراً فقره وحاجته إليه، وعدم استغنائه عنه طرفة عين، فقد كان من دعائه عليه الصلاة والسلام:
"أصلح لي شأني كله، ولا تكلني إلى نفسي طرفة عين"
[حديث صحيح. رواه النسائي]
أنت محتاج إلى الغني في كل ساعة، فبقدر إظهار فقرك إليه يكون الجزاء.
وتذكر: أن الله هو الغني، وأن غناه غنى ذاتي، بل لو سأله أهل السماوات والأرض وأعطى كل واحد مسألته ما نقص من ملكه شيء، جاء في "صحيح مسلم
"لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد، فسألوني؛ فأعطيت كل إنسان مسألته، ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المخيط إذا أدخل البحر"