أين الطريق؟
وما زال كثير من الناس يبحثون عن الحقيقة ليستدلوا بها إلى الحق:
فمنهم: من استند إلى صوت الفطرة في أعماقه،
{فِطْرَتَ ٱللَّهِ ٱلَّتِى فَطَرَ ٱلنَّاسَ عَلَيْهَا ۚ}
[الروم: 30]
ومنهم: منم اعتمد مبدأ السببية؛ الذي يقرر: أن كل صنعة لا بد لها من صانع، وكل حادث لا بد له من محدث، وكل نظام لا بد وأن يكون وراءه منظم.
ومنهم: من جعلها مسألة (حسابية)، وهم أهل الريب والشك، فانتهى بهم إلى أن الأضمن لحياتهم وما بعد حياتهم؛ الإيمان بالله والآخرة والبعث والجزاء؛ كما قال شاعرهم:
قال المنجم والطبيب كلاهما لا تبعث الأموات، قات: إليكما
إن جاء قولكما فلست بخاسر أو جاء قولي فالخسار عليكما
ولا نجاة مع الشك، قال سبحانه وتعالى:
{أَفِى ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلْأَرْضِ ۖ}
[إبراهيم: 10]
ومنهم: الذين ما زالوا محتارين مشركين – نعوذ بالله من الحور بعد الكور، ومن الضلال بعد الهداية:
{أَفَمَن يَعْلَمُ أَنَّمَآ أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ ٱلْحَقُّ كَمَنْ هُوَ أَعْمَىٰٓ ۚ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُوا ٱلْأَلْبَٰبِ}
[الرعد: 19]
والحقيقة: أن كل شيء دل الدليل على أنه يقربك من الله سبحانه وتعالى فهو: حق، وكل شيء يبعدك عنه فهو: باطل
{قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحْبِبْكُمُ ٱللَّهُ}
[آل عمران: 31]
قال ابن تيمية: "ليس صلاح الإنسان في مجرد أن يعلم الحق دون ألا يحبه ويريده ويتبعه"
وليست المصيبة: أن يصاب الإنسان بنفسه أو ماله أو ولده، وإنما المصيبة العظيمة، والكسر الذي لا ينجبر: أن يصاب الإنسان بدينه! فيحل الشك محل اليقين؛ فيرى الباطل حقاً، والحق باطلاً، والمعروف منكراً، والمنكر معروفاً.