​ نقطة تحول..


عبد الله بن مشبب بن مسفر القحطاني

فالإنسان وحده لا يستطيع أن يصارع الأحداث، ولا يقاوم الملمات، ولا ينازل الخطوب؛ لأنه خلق ضعيفاً عاجزاً إلا حينما يتوكل على ربه؛ لأنه يعلم أن أوليته سبقت كل شيء، وبقي بعد كل شيء بأخريته، وعلا على كل شيء بظهوره، ودنا من كل شيء ببطونه.

فلا تواري منه سماء سماء، ولا أرض أرضاً، ولا يحجب عنه ظاهر باطناً، بل الباطن له ظاهر، والغيب عنده شهادة، والبعيد منه قريب، والسر عنده علانية.

فيا سعادة من تعلق بالله، وتعلم أسماء الله، وأصلح سريرته، وأخلص عمله، وأحسن نيته، وتترس بالصبر، وتدرع بالثقة بمولاه! هذا التعبد بخالص المحبة وصفو الوداد.

ونازعني شوق إليك وهزني          من الغيب ما يهفو إليه رجائياً.

قال ابن القيم رحمه الله: "فمعرفة هذه الأسماء الأربعة وهي: الأول والآخر، والظاهر والباطن هي أركان العلم والمعرفة، فحقيق بالعبد أن يبلغ في معرفتها إلى حيث ينتهي به قواه وفهمه".

هو أول هو آخر هو ظاهر         هو باطن هي أربع بوزان

ما قبله شيء كذا ما بعده           شيء تعالى الله ذو السلطان

والعلم بهذه الأسماء الأربعة ومعانيها له أثر عظيم في دفع الوسوسة.

جاء رجل- يقال له: أبو زميل- إلى حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما؛ فسأله، "قال: يا ابن عباس! ما شيء أجده في صدري،

قال: ما هو؟

قلت: والله ما أتكلم به!

قال: فقال لي: أشيء من شك؟

قال: وضحك، قال: ما نجا من ذلك أحد.

قال: حتى أنزل الله قوله:

{فَإِن كُنتَ فِى شَكٍّۢ مِّمَّآ أَنزَلْنَآ إِلَيْكَ فَسْـَٔلِ ٱلَّذِينَ يَقْرَءُونَ ٱلْكِتَٰبَ مِن قَبْلِكَ ۚ لَقَدْ جَآءَكَ ٱلْحَقُّ مِن رَّبِّكَ فَلَا تَكُونَنَّ مِنَ ٱلْمُمْتَرِينَ}

[يونس:94]

{هُوَ ٱلْأَوَّلُ وَٱلْأَخِرُ وَٱلظَّٰهِرُ وَٱلْبَاطِنُ ۖ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ}

[الحديد:3]

اللهم يا من هو الأول والآخر والظاهر والباطن! أصلح سرائرنا، وأحسن خاتمتنا في الأمور كلها، وأجرنا من خزي الدنيا والآخرة.

السابق التالى

مقالات مرتبطة بـ ​ نقطة تحول..

معرفة الله | علم وعَملIt's a beautiful day