محبة الله تظهر عند التعارض مع غيرها
ويظهر أمر المحبة عند التعارض، فإذا تعارض أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم مع ما يمليه الأقارب والزوجة والأولاد أو مع التجارة والمال، فإن آثر ذلك على أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم كان ظالما فاسقا.
قال السعدي رحمه الله في تفسيره، ص332: "وهذه الآية الكريمة أعظم دليل على وجوب محبة الله ورسوله، وعلى تقديمها على محبة كل شيء، وعلى الوعيد الشديد والمقت الأكيد، على من كان شيء من هذه المذكورات أحب إليه من الله ورسوله، وجهاد في سبيله.
وعلامة ذلك، أنه إذا عرض عليه أمران، أحدهما يحبه الله ورسوله، وليس لنفسه فيه هوى، والآخر تحبه نفسه وتشتهيه، ولكنه يُفَوِّتُ عليه محبوبًا لله ورسوله، أو ينقصه، فإنه إن قدم ما تهواه نفسه، على ما يحبه الله، دل ذلك على أنه ظالم، تارك لما يجب عليه".
ولا يقال: إن من قدم محبة هؤلاء يكون مشركا بإطلاق، وإنما هذا بحسب ما تركه من الدين من جرَّاء هذه المحبة، فإن آثر محبة شيء من هذا على التوحيد، ووقع في الشرك كان مشركا، وإن ترك واجبا كالهجرة أو الجهاد أو غير ذلك من الواجبات، كان عاصيا.
ومن ذلك حديث الرجل مع المرأة الأجنبية؛ فإن كان حديثا عاطفيا حول الحب، فهو محرم، وهكذا كل ما يثير الشهوة ويدعو للفساد، فهو محرم، فمن آثر هذا وقدمه على أمر الله وأمر رسوله صلى الله عليه وسلم، كان عاصيا، ولم يكن مشركا ما دام يعتقد التحريم؛ لكن قد فاته من المحبة الواجبة لله ورسوله، ومحبه دينه وشرعه: بقدر ما وقع فيه من العصيان.
ومن ترك زوجته سافرة، مخالفا ما أمر الله به من ستر الوجه، كان عاصيا، وقد آثر محبته لزوجته أو شفقته بها على أمر الله.