الهادي
الدليل:
قال الله تعالى: ﴿ وَكَفَى بِرَبِّكَ هَادِيًا وَنَصِيرًا ﴾ [الفرقان: ٣١].
المعنى:
الهادي من الهداية، وهي في اللغة الإرشاد والدلالة والوصول إلى المطلوب.
فالله الهادي، أي: الذي هدى الإنس والجن وسائر الخلق إلى مصالحها، وألهمها كيفية الوصول إلى أرزاقها وأقواتها، قال تعالى: ﴿ قَالَ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه:٥٠].
ومن معانى الهادي: الدال على سبيل النجاة، والمبيّن لها، لئلا يزيغ العبد ويضل، قال ابن الأثير: "هو الذي بصَّر عباده، وعرَّفهم طريق معرفته، حتى أقرُّوا بربوبيته، وهدى كل مخلوق إلى ما لا بدَّ له منه في بقائه ودوام وجوده"؛ (النهاية لابن الأثير).
وهداية الله تعالى لخلقه على أربعة أنواع:
النوع الأول: الهداية العامة لجميع المخلوقات إلى ما يصلح أمور معاشهم وحياتهم، من تحصيل المنافع وكسب الأرزاق وطلب الأقوات، كما قال جلَّ وعلا عن هدايته للنحل: ﴿ وَأَوْحَى رَبُّكَ إِلَى النَّحْلِ أَنِ اتَّخِذِي مِنَ الْجِبَالِ بُيُوتًا وَمِنَ الشَّجَرِ وَمِمَّا يَعْرِشُونَ * ثُمَّ كُلِي مِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ فَاسْلُكِي سُبُلَ رَبِّكِ ذُلُلًا ﴾ [النحل: ٦٨، ٦٩].
النوع الثاني: هداية دلالة وإرشاد إلى الله تعالى وما شرع من الدين، وهي وظيفة الأنبياء والرسل وورثتهم من العلماء الربانيين، قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: ﴿ وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الشورى: ٥٢].
النوع الثالث: هداية توفيق، وهي بيد الله تعالى، فإن الله سبحانه يهدي من يشاء ويضل من يشاء، كما قال تعالى: ﴿ إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ ﴾ [القصص: ٥٦].
النوع الرابع: هدايته سبحانه لخلقه يوم القيامة إلى الجنة أو النار، قال تعالى عن هدايته لأهل الجنة: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمَانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهَارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ ﴾ [يونس: ٩]، وقال تعالى عن هداية أهل النار إليها: ﴿ احْشُرُوا الَّذِينَ ظَلَمُوا وَأَزْوَاجَهُمْ وَمَا كَانُوا يَعْبُدُونَ * مِنْ دُونِ اللهِ فَاهْدُوهُمْ إِلَى صِرَاطِ الْجَحِيمِ ﴾ [الصافات: ٢٢، ٢٣].
مقتضى اسم الله الهادي وأثره:
اسم الله الهادي يدل الإنسان على أن الهداية بيد الله سبحانه وتعالى، قال تعالى: ﴿ مَنْ يَشَأِ اللَّهُ يُضْلِلْهُ وَمَنْ يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ ﴾ [الأنعام: ٣٩]، وقال تعالى: ﴿ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ ﴾ [الزمر: ٢٣]، وقال تعالى: ﴿ وَإِنَّ اللَّهَ لَهَادِ الَّذِينَ آمَنُوا إِلَىٰ صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ ﴾ [الحج: ٥٤].
وإذا عَلِم المسلم أن الهداية بيده سبحانه، فينبغي أن يطلبها من الله الهادي، ويسأله ويكرر السؤال والدعاء بأن يهديه إلى صراطه المستقيم، ويثبِّته على الحق والهدى حتى يلقاه، فأعظم مطلوب هو الهداية إلى صراط الله المستقيم، وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو فيقول: (اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى، وَالْعَفَافَ وَالْغِنَى)؛ رواه مسلم في صحيحه، وقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: (قُلِ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ)؛ رواه مسلم في صحيحه، ولأجل هذه الأهمية شُرِع للمسلم أن يدعو الله تعالى في كل ركعة من ركعات صلاته بالهداية، قال تعالـى: ﴿ اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ ﴾ [الفاتحة: ٦].