تأمل العواقب!
والله العدل؛ فيقتص للمظلوم من الظالم، ومن السيد لعبده، وكذلك من البهائم، قال صلى الله عليه وسلم:
يحشر الخلق كلهم يوم القيامة: البهائم، والدواب، والطير، وكل شيء فيبلغ من عدل الله: أن يأخذ للجماء كم القرناء" وفي لفظ: "وحتى الذرة من الذرة"
[حديث صحيح. رواه الحاكم في "المستدرك]،[حديث صحيح. رواه أحمد في "المسند"]
إذا علمت بأنك ستلقى الديان يوم القيامة؛ يوم الجزاء والحساب، وأن الله لا يظلم مثقال ذرة، وأن ما بين الناس مبني على المشاحة، وأن ما بين العبد وربه مبني على المسامحة، والحساب بــ(الحسنات والسيئات)؛ فكيف توزع حسناتك، وتأخذ سيئات غيرك، وأنت تعلم أنك ستحاسب لا محالة؟!
فكن كيساً، وحاسب نفسك قبل أن تحاسب؛ وكما قيل: الكيس: من دان نفسه وعمل لما بعد الموت، والعاجز: من أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني!
ولما سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه رضي الله عنهم قائلاً: "أتدرون ما المفلس؟"
قالوا: المفلس فينا من لا درهم له ولا متاع.
فقال: "إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة، ويأتي قد شتم هذا، وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا؛ فيعطي هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقضي ما عليه؛ أخذ من خطاياهم؛ فطرحت عليه، ثم طرح في النار"
[أخرجه مسلم].
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: "حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوا أعمالكم قبل أن توزنوا، فإنه أهون عليكم في الحساب غداً أن تحاسبوا أنفسكن اليوم، وتزينوا للعرض الأكثر،
{يَوْمَئِذٍۢ تُعْرَضُونَ لَا تَخْفَىٰ مِنكُمْ خَافِيَةٌ}
[الحاقة: 18]
تذكر يوم تأتي الله فرداً وقد نصبت موازين القضاء
وهتكت الستور عن المعاصي وجاء الذنب منكشف الغطاء
وتذكر قول أبي الدرداء رضي الله عنه: "البر لا يبلى، والإثم لا ينسى، والديان لا ينام، فكن كما شئت! كما تدين تدان".
وإن كنت مظلوماً فأبشر بالديان، فهذا الاسم تسلية لكل مظلون ومقهور:
أما والله إن الظلم شؤم وما زال المسيء هو الظلوم
إلى ديان يوم الدين نمضى وعند الله تجتمع الخصوم
اللهم! إنا نسألك يا ديان: أن تمن علينا بمغفرة من عندك، وأن ترحمنا يوم العرض عليك.