الرفيق جل جلاله
جاء في "الصحيحين": دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فقالوا: السام عليكم! قالت عائشة: ففهمتها؛ فقلت: وعليكم السام واللعنة! قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مهلاً يا عائشة! إن الله يحب الرفق في الأمر كله"، فقلت: يا رسول الله! أو لم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قد قلت: وعليكم"
[هذا لفط البخاري]
صفوح عن الإجرام حتى كأنه
من العفو لم يعرف من الناس مجرماً
واهب نبينا هذا الخلق العظيم هو: الله الرفيق سبحانه وتعالى؛ الذي يرفع الأسى، ويشفي المريض، ويكشف البلاء، ويرجع الغائب، ويفك الأسير، ويجبر الكسير.
صح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال:
"إن الله رفيق يحب الرفق"
[أخرجه البخاري ومسلم]
ربنا عز وجل رفيق في قدره وقضائه وأفعاله.
ربنا عز وجل رفيق في أوامره وأحكامه ودينه وشرعه.
ومن رفقه في أفعاله: أنه تبارك وتعالى خلق المخلوقات كلها بالتدرج شيئاً فشيئاً؛ بحسب حكمته ورفقه، مع أنه قادر على خلقها دفعة واحدة، وفي لحظة واحدة.
وربنا عز وجل رفيق في شرعه: في أمره ونهيه؛ فلا يكلف العباد ما لا يطيقون، ولم يأخذ عباده بالتكاليف الشاقة، بل جعل لهم الرخصة فيها؛ رفقاً بهم ورحمة، ولم يأخذ عباده بالتكاليف دفعة واحدة، بل تدرج بهم من حال إلى حال؛ حتى تألف النفوس وتلين الطباع.
ومن رفقه تبارك وتعالى: إمهاله لصاحب الذنب، وعدم معاجلته بالعقوبة، لينيب إلى الله ويعود إليه.
ومن رفقه سبحانه وتعالى: أنه يسر أسباب الخير كلها، وهو المتفضل بها، وأعظمها تيسيراً: تيسير حفظ كتابه وفهمه
{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا ٱلْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍۢ}
[القمر: 17]
وهو الرفيق يحب أهل الرفق بل
يعطيهم بالرفق فوق أمان