الأمل في الله وحده :
من ينظر ويتفحص ما عند أعدائنا من إمكانات مادية وتكنولوجيا متطورة، وأسلحة دمار شامل، ثم يقارن ذلك كله بما نملكه فقد يصيبه الإحباط، أو يتسرب إلى نفسه اليأس فلا وجه للمقارنة بيننا وبينهم. ومن ناحية أخرى فواقع الأمر يخبرنا بأنه لا يوجد أمل حقيقي في اللحاق بهم لأنهم لن يسمحوا لنا بامتلاك أسباب القوة ولا كل ما هو جديد، فالمساحة التي أتاحوا لنا التحرك فيها محدودة، ومهما اجتهدنا فيها فسنكون دوما في ركب التخلف، وأذيال الأمم.
... هذا الواقع نعلمه جميعا، مما يجعل البعض منا يعتبر الحديث عن عودة الخلافة الإسلامية وأستاذية العالم مرة أخرى ضربا من ضروب الخيال وأحلام اليقظة. ... نعم هذا حقيقي إذا ما كانت الحسابات المادية فقط ، هي الحاكمة لهذا الأمر، أما في حالة وجود القوة الإلهية الجبارة فستنقلب المعادلات، وستتغير
الموازين، وتتلاشى القوى المزعومة. فإن كنت في شك من هذا فتأمل معي أثر هذه القوة حين انحازت لرسول من رسل الله والفئة القليلة التي آمنت معه:
﴿كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنَا وَقَالُوا مَجْنُونٌ وَازْدَجِرَ * فَدَعَا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانتَصِرْ فَتَحْنَا أَبْوَابَ السَّمَاءِ بِمَاءٍ منْهَرٍ وَفَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُونًا فَالْتَقَى الْمَاءُ عَلَى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ * وَحَمَلْنَاهُ عَلَى ذَاتِ أَلْوَاحٍ وَدُسُرٍ تَجْرِي بِأَعْيُنِنَا جَزَاءً لَّنْ كَانَ كُفَرَ﴾
[القمر: ٩-١٤]
....تلك القوة الإلهية هي التي أدارت معركة بدر لتنصر. فئة قليلة عددا وعدة ولكنها كبيرة بإيمانها وصدق توجهها إلى ربها
﴿إِذْ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى الْمَلَائِكَةِ أَنِّي مَعَكُمْ فَنُوا الَّذِينَ آمَنُوا سَأُلْقِي فِي قُلُوبِ الَّذِينَ كَفَرُوا الرُّعْبَ فَاضْرِبُوا فَوْقَ الأَعْنَاقِ وَاضْرِبُوا مِنْهُمْ كُلَّ بَنَانِ ﴾
(الأنفال: ١٢)
.... القوة الإلهية هي التي هزمت الأحزاب دون ستار من الأسباب البشرية
﴿وَرَدَّ اللهُ الَّذِينَ كَفَرُوا بِغَيْظِهِمْ لَمْ يَنَالُوا خَيْرًا وَكَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتَالَ وَكَانَ اللَّهُ قَوِيًّا عَزِيزًا ﴾
[الأحزاب: ٢٥]
إذن فلا أمل لنا إلا باستدعاء تلك القوة التي لا تقهر، والتي لا تقف
أمامها أي أسباب مهما عظمت