وتحسبونه هينا وهو عند الله عظيم:
إن مخالفة أوامر الله وعصيانه لشيء عظيم عنده سبحانه.. نعم هو الحليم الصبور، يصبر على عباده مرة ومرة، ولكن إذا ما استمروا في عصيانهم عاقبهم لعلهم يفيقون من غفلتهم ويرجعون إليه
(ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ)
[الروم: ٤١]
... لقد خرج الصحابة رضوان الله عليهم مع رسول الله ﷺ لملاقاة المشركين عند جبل أحد، وبدأت المعركة، وانتصر المسلمون في البداية، ولما خالف عدد قليل منهم أمر رسول الله ﷺ كان العقاب الأليم من الله عز وجل وكانت الهزيمة القاسية التي حدثت لهم، فرسول الله ﷺ كاد أن يقتل واستشهد منهم سبعون رجلا و... كل ذلك بسبب عصيان بعضهم الأمر رسول الله ، قال تعالى:
﴿وَلَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ إِذْ تَحُسُّوتَهُمْ بِإِذْنِهِ حَتَّى إِذَا فَشِلْتُمْ وَتَنَازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُم مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ مِنْكُم مَّن يُرِيدُ الدُّنْيَا وَمِنْكُم مَّن يُرِيدُ الآخِرَةَ ﴾
[آل عمران : ١٥٢]
أين أثر الدعاء: معنى ذلك أن كل ما يحدث لنا من صور العذاب ما هي إلا عقوبات يعاقبنا الله عز وجل بها نتيجة لبعض أفعالنا السيئة:
﴿وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾
[الشورى: ٣٠]
ولا ينبغي لمن وقع في المخالفة وارتكب الذنب أن يستغرب العقوبة:
﴿ذَلِكَ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللَّهَ لَيْسَ بِظَلام لِّلْعَبِيدِ﴾
[آل عمران: ۱۸۲ ]
عن إبراهيم النخعي قال: أوحى الله إلى نبي من الأنبياء، أن قل لقومك : إنه ليس من أهل قرية ولا أهل بيت ولا رجل يكونون الله عز وجل على طاعة فيتحولون منها إلى معصية، إلا تحول الله عز وجل لهم مما يحبون إلى ما يكرهون. وليس أهل قرية ولا أهل بيت ولا رجل يكونون الله عز وجل على معصية، فيتحولون إلى طاعة الله عز وجل، إلا تحول الله عز وجل لهم مما يكرهون إلى ما يحبون
من هنا تتضح لنا الإجابة عن سؤال البعض: أين أثر دعائنا لله عز وجل الذي ندعوه ليل نهار بكشف الغمة عنا؟
... إن الغمة لن تنكشف بالدعاء فقط، بل لابد أن يسبق هذا الدعاء ويصاحبه تحول حقيقي عن كل ما يغضب الله، وانتقال إلى ما يرضيه لابد من روح جديد يسري في كيان الأمة فيوقظها من سباتها، ويعمل على تغييرها تغييرا جذريا يشمل المفاهيم والتصورات والسر والعلانية، والأقوال والأفعال. لابد أن تعود الأمة إلى الله وتتجه إليه وتعمل على استرضائه.