نظرة إلى واقعنا:
قبل طرح التصور المقترح عن كيفية تغيير ما بأنفسنا لابد أن نشخص معا الحالة التي وصلنا إليها، والأسباب التي أفرزت هذا الواقع الذي نشاهده.
لنسأل أنفسنا ؟!.
لماذا نتكلم كثيرا عن المبادئ والقيم ولا نستطيع أن تلزم أنفسنا القيام
بمقتضيات هذا الكلام؟
ما الذي يحول بيننا وبين تنفيذ التوجيهات التي تلقى على مسامعنا ؟!
ما الذي يجعل سلوكنا لا ينطبق مع قولنا ؟!
هل الجهل هو السبب ؟!
وكيف يكون ذلك؟ وما قيل ويقال للأمة الإسلامية عبر الفضائيات ووسائل الإعلام المختلفة يكفي لإصلاح الأجيال حتى قيام الساعة؟! ومع هذا كله فإننا لا نجد في واقعنا أثرا أو تغييرا حقيقيا يكافئ هذا الكم من الكلام.
.. إذن فهناك انفصال بين القول والفعل.. بين الواجب والواقع.. فما السبب في ذلك ؟!
الإجابة عن هذا السؤال تستلزم معرفة الدوافع التي تدفع الإنسان للسلوك
بصفة عامة، والمراحل التي يمر بها قبل أن يظهر للواقع.
كيف يتم السلوك ؟
لكي يظهر سلوك اختياري ما إلى الوجود فإن هناك ثلاث مراحل لابد أن تتم داخل الإنسان
أولا: القناعة العقلية بالفعل المراد القيام به.
ثانيا: إصغاء قلبي لصوت العقل ورضاه بما يشير إليه. ثالثا: صدور أمر من القلب إلى الجوارح بالتنفيذ.
هذه المراحل الثلاث جمعها قوله تعالى:
(وَلِتَصْغَى إِلَيْهِ أَفْئِدَةُ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَلِيَرْضَوْهُ وَلِيَقْتَرِفُوا مَا هُمْ مُقْتَرِفُونَ﴾
[الأنعام: ١١٣]
فإذا أردنا أن نشخص أسباب السلوك غير السوي والذي نشكو من وجوده ونريد تغييره إلى ما يحبه الله ويرضاه، فلابد أن يتناول البحث محاور ثلاثة المحور الأول يتعلق بعقل الإنسان وفكره وقناعاته والتي تشكل المنطلق الأول المحور الثاني: يتعلق بقلب الإنسان وما يحول بينه وبين تنفيذ ما يمليه عليه العقل المحور الثالث: يتعلق بالنفس التي تشكل العائق الأساسي الذي يقف أمام إخلاص هذا الفعل الله عز وجل.