الصنم الداخلي
إذن فليس معنى أن الشخص يؤدي ما عليه من واجبات، ويحرص على الانضباط في سلوكه وتعاملاته ... ليس معنى هذا أنه قد ارتدى رداء العبودية وأصبح في مظان الرضا والتوفيق الإلهي . فقد يكون هذا الشخص راضيا عن نفسه، فرحًا بها، ينظر إليها بعين الإعجاب، ويعتقد أنه مميز عن غيره بما يفعله من أعمال وتراه دوما يقارن نفسه بغيره، ويرى أنه أفضل من جميع من حوله، ولما لا وهو يصلي بالليل وهم نائمون، ويعمل للإسلام وهم قاعدون ... منضبط في سلوكه وهم مفرطون يعتقد أن عنده أشياء وملكات ذاتية ليست عند غيره، يمكنه أن يستدعيها ويستعين بها وقتما شاء، فتتضخم بذلك نفسه، وتكبر داخله وتصبح كالصنم يستعين به في تصريف أموره، فيشرك بذلك بالله عز وجل، ويتعرض للهلاك، كما قال : .... فأما المهلكات فشح مطاع، وهوى متبع، وإعجاب المرء بنفسه فإذا تعرض العبد لمقت الله تباعد عنه التوفيق الإلهي، ومن ثم النصر. والتأييد
(وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنْكُمْ شَيْئًا وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ الْأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ)
[التوبة: ٢٥]
من هنا تبرز قيمة جهاد النفس في قضية التغيير، فمع الأهمية القصوى لإيقاد شعلة الإيمان في القلب والعمل الدائم على زيادته، لابد كذلك من المحافظة على أعمالنا التي نقوم بأدائها من كل ما يفسدها، ويبعدها عن مظنة الإخلاص الله عز وجل.