الصالح المصلح
إذن فكون البعض منا صالحا في نفسه، مبتعدا عما يغضب ربه، فهذا لا يعفيه من مسئوليته عن الأمة وما يحدث لها ... عليه أن يأمر بالمعروف وينهي عن المنكر، ويبذل غاية جهده في إصلاح الفساد، وإقامة المشروع الإسلامي، فإن لم يفعل ذلك دخل في عموم المعاقبين عقابا جماعيا كما قال تعالى:
﴿وَاتَّقُوا فِتْنَةٌ لَا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ ﴾
[الأنفال: ٢٥]
يقول ابن عباس رضي الله عنهما في تفسيره لهذه الآية أمر الله المؤمنين أن لا يقروا المنكر بين أظهرهم فيعمهم الله بالعذاب، وقال الضحاك عن الفتنة المذكورة في الآية: إنها تصيب الظالم والصالح عامة
ولقد ضرب رسول الله ﷺ مثلا على ذلك بقوله:
«مثل القائم على حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فأصاب بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، فكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم.. فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقا ولم نؤذ من فوقنا . فإن يتركوهم وما أرادوا هلكوا جميعا وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعا
وذكر ابن أبي الدنيا عن إبراهيم بن عمرو الصنعاني قال: أوحى الله إلى يوشع بن نون: إني مهلك من قومك أربعين ألفا من خيارهم، وستين ألفا من شرارهم. قال: يارب هؤلاء الأشرار فما بال الأخيار ؟! قال: إنهم لم يغضبوا الغضبي، وكانوا يؤاكلونهم ويشاربونهم .