القراءة الهادئة الحزينة من المصحف بصوت مسموع وبترتيل
فمع الانشغال بالقرآن والمداومة على القراءة اليومية له، وتهيئة الجو المناسب للقائه يأتي الحديث عن الكيفية التي سنقرؤه بها في هذا الوقت الذي خصصناه له. هذه الكيفية يسهل علينا تصورها إذا وضح أمامنا الهدف الذي نسعى إليه من لقائنا بالقرآن .
فإذا كنا نريد التغيير فلابد من فهم القرآن بالعقل مع التأثر بالقلب، وهذا يستدعي منا سلامة النطق .. فتلاوة القرآن حق تلاوته - كما يقول أبو حامد الغزالي - هو أن يشترك فيه اللسان والعقل والقلب فحظ اللسان تصحيح الحروف بالترتيل، وحظ العقل تفسير المعاني، وحظ القلب الاتعاظ والتأثر بالانزعاج والانتمار.. فاللسان يرتل، والعقل يترجم، والقلب يتعظ.
فعلينا تعلم النطق الصحيح لآيات القرآن من خلال حلقات التعليم المنتشرة في المساجد وغيرها.
وعلينا كذلك القراءة الهادئة للآيات، فالقرآن كتاب موجز تحمل الآية الواحدة فيه معاني كثيرة، وكما يقول محمد عبد الله دراز – رحمه الله – بأنك لو وضعت أصابع يدك على أي موضع في القرآن ثم نظرت إلى الكلمات التي وقعت عليها أصابعك وحاولت أن تكتب بأسلوبك ما يعبر عن معانيها لكتبت الكثير والكثير.
من هنا كان من الضروري أن نقرأ الآيات قراءة هادئة بطيئة ليتم من خلالها فهم ما تدل عليه، ولقد كان هذا هو هدي رسولنا في قراءته للقرآن.. تقول السيدة حفصة رضي الله عنها : كان رسول الله ﷺ يقرأ بالسورة فيرتلها حتى تكون أطول من أطول منها.
ومما يلحق بهذا الجانب وبخاصة في البداية عدم تحديد ورد من القرآن - كجزء مثلا - نلزم به أنفسنا، فمثل هذا التحديد يدفع صاحبه لسرعة القراءة، ومـن ثـمّ عدم الانتفاع بالقرآن.
وليكن التخصيص في الوقت لا في الكم، بمعنى أن يكون ورد القراءة لمدة ساعة يوميا على سبيل المثال.
ولقد سئل الإمام مجاهد عن رجل قرأ البقرة وآل عمران، ورجل قرأ البقرة قراءتها واحدة، وركوعها وسجودهما وجلوسهما، أيهما أفضل؟ قال: الذي قرأ البقرة، ثم قرأ:
﴿وَقُرْآنَا فَرَقْنَاهُ لِتَقْرَأَهُ عَلَى النَّاسِ عَلَى مُكْث ﴾
[الإسراء: ١٠٦]
.