الوظيفة الأولى للمربي
أهم وظيفة ينبغي أن يضطلع بها المربي مع الأفراد هي الإشراف على عملية التغيير التي يحدثها - بإذن الله - القرآن الكريم فيهم... فإن قلت: ولكن ماذا يفعل إن كان الأفراد الذين سيتعاملون معه لم يدخلوا إلى دائرة تأثير القرآن الفذة؟!
في هذه الحالة تصبح الوظيفة الأولى للمربي هو دلالة الأفراد على كيفية الانتفاع بالقرآن في إحداث التغيير، وأن يأخذ بأيديهم إليه، وأن يستمر في متابعتهم وتذليل
أي عقبة تحول بينهم وبين الانتفاع به. وعلى المربي التأكد أنه مهما كانت كفاءته فإنه لن يستطيع تغيير من معه من الأفراد بدون القرآن، لأنه قد تم تكوينهم منذ الصغر، وترسخت داخلهم قيم ومعتقدات وتصورات مختلطة بين الخطأ والصواب.
فلو تربى فرد ما في بيئته على الشح والحرص على المال فمن الصعب تغيير طريقة تعامله مع المال بعد ذلك، حتى وإن قام على أمر تربيته بعد ذلك أفضل المربين؛ لأن الأمر أكبر منه بكثير، فلقد تشرب هذا الفرد حب المال والحرص عليه، وأصبح لهذا الحب جذورًا عميقة في ذاته، وكل ما يمكن أن ينجح فيه المربي هو أن يجعله يقتنع بعقله المدرك الواعي بأهمية الإنفاق في سبيل الله، ومن ثم يتحسن أداؤه الشكلي مع المال في بعض المواقف، ولكن تبقى الممارسات الحياتية اليومية كما هي.
ولكي نحل هذه الإشكالية لابد من البحث عن قوة خارقة جبارة تقوم بإحداث زلزال في كينونة هذا الإنسان، وتهدم كل خطأ رسخ فيها، ولا يوجد على ظهر الأرض مثل هذه القوة الخارقة إلا قوة القرآن؛ التي قال الله عنها:
{لَوْ أَنْزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ}
[الحشر: ٢١]
لذلك فعلى المربي في بداية عمله مع الأفراد - أن يبذل قصارى جهده في الأخذ بيدهم إلى القرآن، وأن يتأكد من دخولهم إلى دائرة تأثيره المزلزلة بإذن الله. وغني عن البيان أنه لن يستطيع أن يفعل ذلك إن لم يكن قد سبقهم إليه.
جوانب الإشراف والمتابعة والتوجيه : بعد أن يتأكد المربي من تحقق الوصال بين من معه من الأفراد وبين القرآن فإن عليه دوام متابعتهم وحسن توجيههم نحو طريق الاستقامة دون إفراط ولا تفريط، وإليك - أخي القارئ - بعضًا من التفصيل حول هذا الأمر...