تعامل بحكمة وانصح بهدوء
ومما يجدر الإشارة إليه أنه لا ينبغي علينا الانزعاج والتوتر إذا ما حدث من بعضنا مثل ما حدث من بعض الصحابة - كما أشرنا، ولا ينبغي علينا أن نترك القرآن ونزهد في تحصيل الإيمان من خلاله بدعوى الخوف من التشدد، بل علينا أن نزداد تمسكًا بالقرآن و نزداد كذلك حرصًا على التغيير من خلاله مع حسن توجيه بعضنا البعض نحو الاعتدال، وأن يتم تفعيل دور المربي، وأن يكون كل منا رقيب على نفسه وعلى إخوانه، فإن رأى أحدنا من أخيه تشددًا في أمور لا ينبغي التشدد فيها سارع بالذهاب إليه وقام بنصحه وتوجيهه، وحبذا لو كان في صحبة أخيه المربي...
ولعل ما حدث بين الصحابيين سلمان الفارسي وأبو الدرداء - رضي الله عنهما - ما يؤكد هذا المعنى، فلقد آخى النبي ﷺ بين سلمان وأبي الدرداء، فزار سلمان أبا الدرداء، فرأى أم الدرداء متبذلة. فقال: ما شأنك؟ قالت: أخوك أبو الدرداء ليس له حاجة في الدنيا، فجاء أبو الدرداء فصنع له طعامًا، فقال له: كل فإني صائم، قال: ما أنا بأكل حتى تأكل، فأكل، فلما كان الليل ذهب أبو الدرداء يقوم، فقال له: تم فنام، ثم ذهب يقوم فقال له: نم، فلما كان من آخر الليل قال سلمان قم الآن، فصليا جميعا، فقال له سلمان: إن لربك عليك حقا، وإن لنفسك عليك حقا، ولأهلك عليك حقا، فأعط كل ذي حق حقه، فأتى النبي ﷺ فذكر له ذلك، فقال: «صدق سلمان»