سر الدعاء
اهتم العلماء كثيراً سلفُهم وخلفُهم بقضية الأسماء الحسنى في سياق التعبد بها دعاءً وابتهالاً إلى الله جلَّ علاه، نظراً لجلال أسرارها وجمال أنوارها، ولِمَا ورد في ذلك من الأمر في كتاب الله، من مثل قوله تعالى:
{ وَلِلَّهِ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَائِهِ سَيُجْزَوْنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ }
[الأعراف:180]،
وقوله سبحانه:
{ قُلِ ادْعُواْ اللَّهَ أَوِ ادْعُواْ الرَّحْمَنَ أَيّاً مَّا تَدْعُواْ فَلَهُ الأَسْمَآءُ الْحُسْنَى }
[الإسراء: 110]،
وما صح في السنة النبوية الشريفة من حديث أبي هريرة المشهورة، أن النبي صلى الله عليه قال: "إن لله تسعةً وتسعين اسمًا – مائةً إلا واحداً – من أحصاها دخل الجنة! إنه وِتْرٌ يحب الوِتْرَ". وفي رواية لمسلم: "من حفظها دخل الجنة!"، ورُوِيَ أيضاً بصيغة: "إن لله تسعةً وتسعين اسمًا – مائةً غير واحداً – لا يحفظها أحد إلَّا دخل الجنة! إنه وِتْرٌ يحب الوِتْرَ".
وما ذلك كله إلَّا لأنها مدخل عظيم للتعرف إلى الله تعالى، والعروج إليه – سبحانه – عبر مقاومات معرفته ومنازل محبته؛ للفوز بكرم ولايته. إذ وجد في معرفته باسم (الرزاق) أنه لا مانع لما أعطى ولا معطي لما منع. وهو قصد من مقاصد حفظ (الاسم) من أسمائه الحسنى: الثبات على ذلك أمام الفتن، لا تزحزحه المضايقات ولا المناوشات ولا التهديدات، ولا تذهب به الوساوس كل مذهب